حصار مالي ..عقاب فرنسي بأيد إفريقية

ثلاثاء, 01/11/2022 - 10:24

افتتاحية = دون أدنى مراعاة للظروف الإنسانية التي يعيشها العالم كله، جراء جائحة كورونا، ودون مراعاة للظروف الأمنية البالغة الخطورة التي تعيشها مالي، والتي كانت في جوهرها جزء أساسيا من قيام مجموعة من الضباط بمبادرة إسقاط نظام الرئيس السابق الذي غرق في الفساد بشكل لا يمكن تصوره، ودون أي مراعاة أيضا لحاجة إفريقيا ومنطقة الساحل بشكل خاص لمزيد من الهدوء، واحترام الإرادات الخاصة للدول والشعوب، دون أي اعتبار لأي شيئ من ذلك، ودون اعتبار لما يمكن أن تتضر منه دولة حبيسة ليس لها منفذ شاطئ، قامت دول المنظمة الاقتصادية لغرب إفريقيا بفرض حصار تام سياسي واقتصادي وأمني على دولة مالي في محاولة لإرغام المجلس العكسري الحاكم في البلاد على الرضوخ للشروط التي ليست في النهاية إلا أوامر فرنسا التي لا تريد وجود أي إرادة خارجة عن نفوذها الاستعماري

إن من الضروري بمكان أن يحصل انتقال ديمقراطي في مالي الجريحة، ومن الضروري أيضا أن ينظم المجلس العسكري انتخابات وأن يحدد أجلا لمغادرة العسكر للسلطة، لكن ذلك لا يمكن أن يكون دون حوار داخلي وبإرادة مالية محضة، وليس من خلال إرغام فرنسا للماليين ومصادرة قرارهم السياسي والدبلوماسي.

 

ما يجري الآن هو عقاب جماعي لشعب بريئ أنهكته الحروب طوال الستين سنة الماضية، وكان التدخل الفرنسي حاسما دائما في منعه من الوصول إلى قرار السلام والتهدئة.

إنما ما تحتاجه مالي هو الدعم السياسي والعون الاقتصادي لتتجاوز أزمتها ولتنتقل بهدوء وسلام إلى الديمقراطية وإلى الحوار الموسع بين كل فصائل الشعب المالي وتياراته من أجل بناء مالي العظيمة، تلك الدولة الضاربة في أعماق التاريخ، وذلك الشعب العظيم الذي رفد الحضارة الإنسانية بكثير من المآثر والتاريخ النبيل.

 

ولاشك أن دول السيداو ليست مؤهلة لتقديم دروس في الديمقراطية، ولا في الحفاظ على الأمن وفي رعاية مصلح الشعوب، فتاريخها دام، ومكتوب بالانقلابات، وقراراتها تتحكم فيها فرنسا، وتوجهها أين شاءت.

لقد كان من الضروري أن تعمل المنظمة الإقليمية على مواكبة مالي ودعمها حتى تخرج من أزمتها، وتضمد جراحها، لكنها اختارت الطريق الآخر، والأكيد أن الحصار سينكسر قريبا فالشعوب الإفريقية لن تقبل بتجويع شعب شقيق وجار صديق.