اختطاف موريتانيين في مالي.. سياق الهجوم ودلالته

أحد, 07/18/2021 - 08:55
محفوظ ولد السالك، صحافي وباحث في الشؤون الإفريقية

يأتي هجوم السبت على ورشة أشغال تشرف عليها شركتا "ATTM" الموريتانية و"COVEC" الصينية، في الجنوب الغربي لمالي، غير بعيد نسبيا من الحدود بين مالي وموريتانيا، يوما بعد إعلان الجيش المالي مقتل 8 مسلحين في الجنوب قرب الحدود مع بوركينافاسو.
مقتل هؤلاء المسلحين جاء في إطار عملية عسكرية أطلق عليها اسم "كيليتيغي" وتعني باللهجة المالينكية "زعيم الحرب"، وتمت خلالها مصادرة 8 مسدسات رشاشة، وقاذفة صواريخ، وعدد من أجهزة الاتصال اللاسلكي، ومجموعة من المعدات الأخرى.
أما الهجوم القريب من الحدود الموريتانية فتم خلاله، إضرام النار في معدات بينها رافعة و9 شاحنات، واختطف المسلحون 5 أشخاص، موريتانيان و3 صينيين، كما أخذوا معهم 5 سيارات.
والراجح من وجهة نظري أن المستهدف هم الصينيون، وذلك قياسا على عمليات الاختطاف المتوالية التي تعرضوا لها في دول مختلفة بغرب إفريقيا، ومنها بلدان مطلة على خليج غينيا، الذي حذرت فرنسا مؤخرا من أن الجماعات المسلحة في مالي، بصد توسع انتشارها نحوه.
وترجيح هذه الفرضية، يعني أن الموريتانيين - عكس الصينيين - قد يطلق سراحهما دون الحاجة إلى تفاوض، أو تقديم فدية مالية، رغم أنها أضحت موردا هاما تعتمد عليه الجماعات المسلحة بالمنطقة لتمويل نشاطاتها.
ثم إن طبيعة الهجوم - حيث كان منفذوه على متن دراجات نارية - واستهداف موقع هتين الشركتين - رغم أنه ليس من أهم المواقع التي تعمل بها شركات أجنبية سواء في مالي أو في الساحل بشكل عام، وما يعنيه ذلك من محدودية المعدات والمصادر البشرية - يؤشر على أن جهة تنفيذه لا تعدو إحدى الجماعات الأربع المكونة ل"نصرة الإسلام والمسلمين" أي: "أنصار الدين" أو "كتائب ماسينا"، أو "كتيبة المرابطون"، أو "إمارة منطقة الصحراء الكبرى"، وأغلب الظن أن التبني في حال حصل، سيكون باسم جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين".
وثمة جانب لافت وهو أن منفذي الهجمات المسلحة في الساحل، الذين يمتطون دراجات نارية، عادة يكونون محدودي العدد والعدة، ولا يستهدفون في الغالب إلا المدنيين، لأنهم يأمنون ردة فعلهم، وكثيرا ما يكون الهدف هو القتل لا الخطف.
يعني ذلك أن الهجوم في نظري هو بداية محاولة توسع في هذه المناطق الرخوة من مالي، بعدما اشتد الخناق على الجماعات المسلحة في الشمال، ودعوة غوتيريش إلى نشر قوات أممية إضافية لتعزيز تأمين مناطق الوسط المالي.
لكن ذلك كله لا يعني أن ليس في اختطاف موريتانيين، واستهداف شركة موريتانية - رغم حصوله على أرض مالية - رسالة إلى موريتانيا، والأكيد أنها وصلت.