ولد ببكر ..هل يصنع الإداري الشاعر مفاجأة السباق الرئاسي

سبت, 02/16/2019 - 20:31

بعد صمت طويل وحالة من الانسحاب السياسي من المشهد العام في موريتانيا عاد الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد ببكر ليأخذ مكانه في واجهة المشهد السياسي باعتباره المرشح الأوفر حظا لنيل أصوات القوى المعارضة في موريتانيا ولينافس المرشح الأوفر حظا بالنسبة للسلطة الفريق محمد ولد محمد أحمد ولد الغزواني

في أطار منتصف الخمسينيات ولد سيدي محمد ولد ببكر لأب يعمل طبيبا عسكريا ولأسرة من أسر الزعامة التقليدية في ولاية البراكنة،  استطاع ولد

ببكر تسجيل نقاط تميز كثيرة في دراسته الثانوية، حيث حصل سنة 1972 على الرتبة الأولى في شعبة الرياضيات، لكن اختار سلك الإدارة، حيث عمل في قطاعات مالية وإدارية مختلفة، بعد أن نال شهادة عليا في التسيير من باريس

 

يصنف سيدي محمد ولد ببكر على أنه من الشخصيات التكنوقراطية البعيدة التي نالت مستوى من الإجماع والمقبولية مع بداية المسلسل الديمقراطي بداية التسعينيات، رغم أنه مصنف أيضا ضد التيار العروبي وخصوصا الناصريين الموريتانيين.

 

وزير الانفتاح الديمقراطي

 

تولى سيدي محمد ولد ببكر منصب الوزير الأول في أول حكومة تم تشكيلها بعد انتخابات 1992 المتوجة لمسار ديمقراطي جديد في موريتانيا بعد فترة طويلة من الحكم العسكري الذي استلم موريتانيا بشكل صريح منذ العام 1978 ليتخذ لبوسا مدنيا بعد ذلك منذ العام 1992

ويقول مقربون من ولد ببكر إن اختياره لمنصب الوزير الأول كان سعيا من ولد الطايع إلى تقديم شخصية توافقية ومقبولة لدى الطيف السياسي في محاولة منه لتلافي جراح الأزمات السياسية والعرقية التي عاشتها موريتانيا مع نهاية الثمانينيات.

شهدت مأمورية ولد ببكر الأولى تدشين مشاريع ومؤسسات اقتصادية متعددة وإطلاق مسار الحريات العامة، كما شهدت أيضا اعتقالات ومضايقات لبعض القوى السياسية من بينها اعتقالات الإسلاميين سنة 1994

ويقول مقربون ولد ببكر إن عمله كوزير أول لم يكن يسمح له بإدارة الملف الحكومي بشكل كامل فقد كان الرئيس معاوية ولد الطايع ممسكا بتلابيب المشهد السياسي والأمني وكان صوت المستشارين الأمنيين للرئيس أقوى من أصوات الفريق الحكومي.

ويؤكد مقربون من ولد ببكر أن إقالته من منصب الوزير الأول في عهد ولد الطايع كانت بداية انحراف للمسار الديمقراطي والإداري نحو قاع سحيق من الفساد والتكميم

وللتدليل على ذلك يقول أصدقاء ولد ببكر "أنه وزير أول وسفير فقير رغم أن كثيرا من رفاق مرحلته حطم أرقاما متعددة في الثراء وأرقاما كثيرا من آمال الموريتانيين في الحرية والعدالة الاجتماعية

 

الوزارة الثانية

تولى ولد ببكر الوزارة الأولى مرة أخرى خلال الفترة الانتقالية من 2005 – إلى نهاية 2006 تحت رئاسة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، وأشرفت حكومته التي شكلت من شخصيات تكنوقراطية على مسار ديمقراطي نال مستويات عالية من التقدير ووصف بأنه "شفاف "ومؤسس" للجمهورية المدنية في موريتانيا"

 

السفير الشاعر

رفض الوزير الأول سيدي محمد ولد ببكر العمل مع المجلس الأعلى للدولة الذي تولى الحكم بعد الانقلاب العسكري في 2008 ضد الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وفق ما يؤكد مقربون منه، لكن المجلس أبقى لولد ببكر عمله سفيرا لموريتانيا في دول متعددة، قبل أن يحال إلى التقاعد منهيا بذلك مرحلة مهمة انتقل فيها بين مؤسسات ومرافق سلطوية مهمة

يقول العارفون بولد ببكر أنه يحمل ثقافة واسعة وخصوصا في الأدب العربي الذي يهتم به وكذا اللغة الفرنسية التي مثلت لغة تكوينه الإداري.

واستطاع ولد ببكر خلال الفترة الماضية نسج علاقات متعددة مع مختلف أطراف الطيف السياسي ربما تمهيدا لموقفه الجديد بإعلانه الترشح لرئاسة موريتانيا خلفا للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز ومنافسه لمحمد ولد الغزواني.

علاقات واسعة في المعارضة

 

يراهن الفريق السياسي المحيط بولد ببكر على قدرته على صناعة المفاجأة في المشهد الانتخابي المرتقب، ويؤكد مقربون منه أن قطاعات واسعة من الشعب الموريتاني سوف تدعمه وأنه سينال مستوى من الدعم من أطراف وازنة في السلطة لا ترى في ولد الغزواني الأمل الذي تراهن عليه.

أما بالنسبة للمعارضة فإن ولد ببكر بات أبرز الأسماء، حيث نال لحد الآن ثقة الأطراف الأسياسية في المنتدى ولا يزال ينتظر موقف حزب تكتل القوى الديمقراطية وبعض الأطراف السياسية الأخرى

ولم يسلم ترشح ولد ببكر من انتقادات من بعض أصوات المعارضة التي لا ترى فيها المرشح المثالي للمعارضة المطالبة بالتغيير، لكن رسائل الواقع تؤكد أن خلافات المعارضة و"غياب المثالية" في كثير من رموزها، يجعل من دعمها لولد ببكر سعيا إلى صناعة تغيير من نوع آخر.. وهو ما يؤكده حجم الحساسية والحملة شبه الرسمية ضد ولد ببكر لحد الآن

ورغم الحملات الداعمة لولد ببكر والأخرى المناوئة له، فإنه يمثل الآخر المرشح المعارض الأكثر جدية في ظل التقاعد الانتخابي الذي فرضه الدستور على قادة معارضين ترشحوا مرات عديدة وعجزت الأصوات عن إيصالهم إلى الكرسي المحفوف بقوى الجيش والأغلبية