الداعية صدام العلوي : هذا ردي على من ادعت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

خميس, 03/15/2018 - 09:19

رد للداعية صدام البشير العلوي حفظه الله بعنوان: "حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ" على زعم توتو منت حللي

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين في حق سيد الأولين و الآخرين: 

"وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ—لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ—ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ—فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ—وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ"

والقائل:

 

"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ—إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ"

و الصلاة و السلام على الصادق الأمين نبينا محمد القائل: 

"من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" أخرجه البخاري ومسلم. 

وقد قال الإمام النووي في شرح مسلم: 

إن تعمد وضع الحديث حرام بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع. 

وقال المناوي في فيض القدير: 

هذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر.

وقال الذهبي: 

وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر وتعمد الكذب على الله ورسوله في تحريم حلال أو عكسه كفر محض. 

وقد حكى الحافظ ابن حجر عن الإمام الجويني تكفير الكاذب على النبي صلى الله عليه وسلم. 

وقد قال الإمام أحمد: 

يفسق وترد شهادته وروايته ولو تاب وحسنت حالته تغليظاً عليه وغالب الكذابين على النبي صلى الله عليه وسلم زنادقة.

ثم أما بعد: 

فقد وردت علي أسئلة كثيرة من جهات مختلفة عن موقف الشرع من تسجيل المسمات توتو منت حللي الذي زعمت فيه أنها رأت من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه و سلم وأن ذلك كان في اليوم التاسع من الشهر الثالث من عام 2018 يوم الجمعة الساعة الثانية عشر 

وزعمت أنها رأته وهي واقفة و أنه صلى الله عليه وسلم كان عن يمينها و أنه قال لها—ما سأقول لكي أريدك أن تبلغيه لأمتي—من رأيته منهم ومن استطعتي أن تتصلي به أو تجديه—وهو أني قلت له أن يعطيكي مبلغ ألف أوقية و يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يسلمها لك و إذا أراد أن يرسلها مع شخص آخر فليصلي على النبي وقت إعطائها لك—و زعمت أنه صلى الله عليه و سلم قال لها أن الألف أوقية إذا أعطيت لها فقد وصلته هو صلى الله عليه و سلم و أن من أعطاها لها فقد أعطاها له صلى الله عليه و سلم—و زعمت أنه قال لها هذا الأمر أخرجيه بقوة واعلمي أنى قد بلغت ماجائني من عند الله بقوة "ما كذب الفؤاد ما رأي" إلخ ما قالته وفيه أن هذا أمر منه صلى الله عليه و سلم لأمته و أن أي أحد من أمته دخل مكانها فقد حسنت خاتمته .....

فكتبت هذا الرد المتواضع على قلة علم و ضيق وقت فقلت وبالله التوفيق وهو الهادي إلى سواء الطريق:

أولا: 

ما قالته توتو منت حللي وقد قالت أنها من قبيلة العلويين لا يمثل القبيلة و لا يحسب عليها و ليس منها في شيء و تبرأ إلى الله منه لأن قبيلة العلويين قبيلة علم وعقل ولا تقر إلا ما يقبله العلم و العقل و ليست قبيلة زعم و خرافة ودعاوى لا يصدقها عقل ولا يقرها شرع ولا نقل...وللعلويين من العلماء و التآليف و الجامعات و العقول ما يشهد لهم بذلك والحمد لله رب العالمين 

ثانيا: 

ما قالته لا يمثل الطريقة التجانية و لا يحسب عليها و ليس منها في شيء و تبرأ إلى الله منه لأنها طريقة مشيدة بالكتاب و السنة و لا تقر إلا ما يوافق الشرع و تبرأ إلى الله من كل ما يخالف الشرع و إن أقره المنتسبون و سكت عنه المتمشيخون المحسوبين على الطريقة لأن منهم متمصلحون مبتدعون ليست الطريقة منهم و لا هم منها لأن الشيخ التجاني وهو من أسس الطريقة قال:

إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فاعملوا به و إن خالف فاتركوه وهذا والله عين الإنصاف و الإتباع و التقيد بالحق و الشرع.

وشيخ الإسلام الشيخ إبراهيم أنياس إمام الفيضة يقول:

أنه يبرأ إلى الله من كل مريد ينتسب إليه و يرتكب أي شيء يخالف الشرع وقال أنه يرفع الإذن عن كل مقدم تنتهك في مجلسه المحرمات.

فلزم من هذا كله أن لا نحمل الطريقة التجانية التي بني ساسها على الشرع كتابا و سنة و شيدت أركانها على العلم و الفهم و الإتباع دون الإبتداع—ما يقوم به العوام من المنتسبين لها فالطريقة لا تقر محرما ولا بدعة و إن جلت رتبة من يفعل ذلك ويدخل في ذلك الخرافات و الخزعبلات و الدجل و أكل أموال الناس بالباطل والسكوت على المناكرات و الإختلاط المحرم بين الرجال و النساء و اللحن في الذكر و سفر المرأة دون محرم و إذن من زوجها و مخالفة ظاهر الشرع بحجة الإطلاق و عدم التقييد و الإنغماس في الباطن و الجذب و السكر......وإني لأربأ بطريقة يتبعها العلماء أن تمثل و تعرض بهذا الشكل وتقدم على أنها عبارة عن ممارسة الرقص و اللهو و الغناء والإختلاط المحرم و عدم التقيد بظاهر الشرع و الأخطر من هذا كله هو أن تمارس كل تلك الطقوس على أنها عبادة و دين و مزية و خصوصية...

بل إن هذا النوع لا يقره ولا يرضاه من له مسكة من عقل أو علم أو دين أو شرع....

الطريقة التجانية قدمت للأمة الإسلامية و العالم البشري علماءا أفذاذا و شيوخا مصلحين ساهموا بدور لا يستهان به في الجانب الروحي و التربوي بأوراد مقتبسة من الشرع ودلالة على الحق بالحق و كان لها السبق في دعوة المشركين إلى توحيد رب العالمين في مشارق الأرض و مغاربها وخصوصا إفريقيا و قدمت من أبنائها و شيوخها مجاهدين في سبيل الله قاتلوا الإستعمار و التبشير الذي كاد يعصف بالمسلمين و الإفريقيين في مختلف الأزمنة منذ تأسست الطريقة إلى يومنا هذا و الحمد لله رب العالمين....

 

وسأكتب لاحقا—إن شاء الله تعالى—كتابا أبين فيه علاقة الطريقة التجانية بالعلم وتقيدها بالشرع و دورها في مختلف أوجه الإصلاح و التربية و التنمية و إذابة الفوارق بين المسلمين و البشرية جمعاء و أياديها البيضاء على الإسلام و المسلمين ونشر السلم و الفكر المعتدل و تحصين الشباب بالعلم و العمل من التطرف و الإرهاب و البطالة وموقف شيوخها وأكابرها وعلمائها من كل ما ينسب إليها و موقفهم من المنتسبين لها وافقوا أم خالفوا.....و أن موقفهم مقيد بالشرع و الأخلاق و العلم والعقل...... 

ثالثا:

أنبه وأطلب من الدولة وخصوصا القضاء أن عليهم إيقاف توتو منت حللي ليتم إستجوابها و التحقيق معها للتأكد من سلامة معتقدها بعد التحقق من عقلها 

كما أن عليهم أن يجعلوها بعد التأكد من عقلها و أنها تعي ما تقول عبرة لمن تسول له نفسه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا السند المباشر في القرن الواحد و العشرين و إذاعة هذا النوع من الدعاوي بين المسلمين و عبر شبكات التواصل الإجتماعي لجمع مبالغ من المال بزعم أن هذا أمر منه صلى الله عليه و سلم وأن القادم على مكانها قد حسنت خاتمته.....إلخ

فهذا عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري الرجل اليمني الذي هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلصاً يعرف عمر رضي الله عنه فضله وقدره فيوليه الكوفة ولصلاحه ودقته كان بطيء الإنجاز لقضايا الناس فكانوا يقفون كثيراً على بابه ينتظرون دورهم فدعاه عمر فجاء إلى بابه فطرقه ونادى: 

السلام عليكم هذا عبد الله بن قيس يستأذن 

وسمعه عمر وهو مشغول بأمر مهم من أمور الدولة من الخطر أن يقطعه فقال في نفسه: 

هذا استئذان أول فليستأذن كثيراً حتى أفرغ من القضية التي أبحثها مع خاصتي—وليقف على بابي قليلاً حتى يحس بالذين يقفون على بابه كثيراًً 

وبعد لحظة طرق الباب ثانية ونادى: 

السلام عليكم هذا أبو موسى يستأذن.

قال عمر في نفسه: 

هذا هو الاستئذان الثاني فلندعه حتى يكثر 

 

وبعد لحظة طرق الباب ثالثةونادى: السلام عليكم هذا أبو موسى الأشعري يستأذن.

قال عمر في نفسه: 

وهذا هو الاستئذان الثالث فماذا سيكون بعده؟ 

وانتظر عمر لحظات فلم يسمع طرقاً أو نداء فقال لمن معه ألم نسمع صوت عبد الله بن قيس؟ افتحوا له وائذنوا له بالدخول فتحوا الباب فلم يجدوه 

 

قالوا: 

 

إنه رجع وانصرف.

قال: 

أدركوه وردوه إلي فاتبعوه فلم يحصلوا عليه 

وفي اليوم الثاني ذهب أبو موسى إلى عمر فطرق الباب واستأذن فأذن له فدخل قال له: 

 

ما حملك على ما صنعت أمس؟ طلبتك فلم أجدك؟ 

 

قال: 

 

جئت بالأمس فاستأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي فانصرفت ورجعت 

قال: لماذا لم تكرر الاستئذان حتى يؤذن لك؟ يا أبا موسى.

اشتد عليك أن تحتبس على بابي؟ وأنا أعلم أن الناس يحتبسون على بابك؟ 

 

قال أبو موسى: 

 

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعلت وقال: 

"إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع" 

وكان هذا الحديث قد غاب عن عمر وخفي عليه فخشي أن يكون الموقف الخطير قد ألجأ أبا موسى بالتخلص أو خشي أن تتخذ الأحاديث وسيلة للتخلص من المضايق فيلجأ ضعاف الإيمان والمنافقون لوضعها في المناسبات فأراد حسم هذا الأسلوب وإغلاق الباب على وضعة الحديث فقال: 

 

يا أبا موسى هات شاهداً يشهد بأنه سمع مثلك هذا الحديث وإلا ضربتك على جنبك وبطنك وظهرك ضرباً موجعاً.

 

فخرج وهو يرتجف فدخل على مجلس من مجالس الأنصار فزعاً مذعوراً

 

قالوا له: ما لك؟ فقال: 

هل منكم من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع"؟

 

قالوا: 

وأي شيء في هذا؟ 

قال: حصل بيني وبين عمر كذا وكذا 

فأخذ بعضهم ينظر إلى بعض ويضحكون—وقالو:ومن أجل هذا تفزع؟ لا تخف فلن يمسك سوء—إن هذا حديث مشهور سمعناه كلنا 

 

قال أبي بن كعب -وهو صاحب الدار: 

وما كان لعمر أن يشك فيه وينذرك هذا الإنذار لن يشهد لك إلا أصغرنا—قم يا أبا سعيد فاشهد لأبي موسى عند عمر.

فذهب معه أبو سعيد فشهد أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال عمر: 

 

أستغفر الله لقد ضاعت مني أحاديث بسبب التجارة والضرب في الأسواق والتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 

 

وقابله أبي بن كعب فقال له:

يا ابن الخطاب لا تشتد ولا تكن عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك فيهم وفي صدقهم ولا تتوعدهم بمثل هذا الوعيد

قال له عمر: 

يا سبحان الله!! ما أخطأت.

سمعت شيئاً لم أحفظه فأردت أن أتثبت—ماذا حصل؟ أنا لم أتهم أبا موسى بالكذب—والله إن أبا موسى لأمين على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم—ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم—وانتهت القضية بالحفاظ على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً وعملاً. 

 

إذا كان هذا حال خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يعلم فضله و علمه و صدقه و محبته لله و رسوله صلى الله عليه و سلم ومع ذلك يطلب منه شهودا يشهدون على صحة ما حدث به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فكيف به لو حدثته توتو منت حللي بهذا السند المتصل المباشر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في القرن الواحد و العشرين و أخبرته أن مضمون الحديث أمر للأمة بمبلغ يصل قدره ألف أوقية يعطيه كل من وصله الأمر لصاحبة الرواية و أن من دخل مكانها فقد حسنت خاتمته بالله عليكم كيف كان سيكون حال أمير المؤمنين معها؟هل سيكون أشد من حاله مع الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري؟أم سيكون دونه؟ مع أن أمر النبي لأبي موسى كان في حياته صلى الله عليه و سلم وأبو موسى أدرك النبي و صحبه—أما أمره لتوتو على زعمها فبعد أنتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى و توتو لم تدركه بل بينها و بينه أربعة عشرا قرنا 

 

وأستثني من كلامي هذا حول الرأية الأكابر من أهل الله من خاصته و صفوته الخالصين المخلصين له جل جلاله الذين يدلون ويدعون إلى الله لا إلى أنفسهم ويعطون الناس ولا يسألونهم و من هنا يميذ العاقل اللبيب و الحاذق الناظر بعيني البصيرة الفرق بين ما نحن بصدده مما يوحدنا و يجمعنا و بين ما يفرقنا و يشتتنا و بين كتم أهل الله للأسرار الخصوصية و المواهب الربانية و بين بث أهل الدعاوي للخواطر الشيطانية و المصالح الدنيوية و عدم مراعات ما يجمع الأمة المحمدية و يجر إلى الإنكار على أهل الله بعد وضعت الحرب أوزارها و شرب الناس من عين الإنصاف عبارتنا شتى و معناك واحد و كل إلى ذاك الجمال يشير "

 

فلا ينبغي ربط تلك بهذه فليس رعيل خيل تلك من رعيل هذه

رابعا:

أنبه المسلمين أن لهم في صحيح السنة و صريح القرآن من أوجه الإنفاق و السير إلى الله تبارك و تعالى ما يغنيهم عن هذا النوع من الخرافات و الأباطيل و الإدعائات و الخزعبلات—فليس لأحد من الخلق أنه بمجرد دخول بيته أو مكانه يعتبر حسن خاتمة للداخل أو ضمان لحسن خاتمته

ثم إن حسن الخاتمة أمر غيبي لا يعلمه إلا الله جل جلاله ومن كتب الله له حسن الخاتمة يختم له بعمل أهل الجنة وليس بالدخول على توتو منت حللي

فقد ثبت في الصحيحين من حديثْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: 

"إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: 

 

بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ 

فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُه إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَايَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلاذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا" 

أما عن إعطاء توتو منت حللي ألف أوقية امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه و سلم على زعمها فإننا نقول لها أن عندنا في القرآن و السنة من أوجه الإنفاق و البذل و الصدقة ما يشفي و يكفي و يغني و قد أمرنا في ما نزل على النبي صلى الله عليه و سلم في زمن التشريع قبل أن ينتقل بأبي هو و أمي إلى الرفيق الأعلى بمن نتصدق عليه بأموالنا و من تجب علينا نفقته و من يندب لنا الإنفاق عليه 

 

أما الصلاة على النبي وقت إعطاء توتو منت حللي ألف أوقية فإن الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم أذن لنا بالصلاة اللا مشروطة بدفع المال على نبيه العظيم صلى الله عليه و سلم بل و أمرنا بها بعد أن ذكر الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم عن نفسه و ملائكة قدسه فقال جل عليائه:

 

"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" 

 

وما قالته توتو منت حللي لا يعدوا كونه أمر للأمة بما لم يكلفها به الله جل جلاله لأنها قالت أن إعطائها مبلغ ألف أوقية من كل واحد من الأمة أمر نبوي و النبي صلى الله عليه و سلم لا ينطق عن الهوى وقد أنزل الله عليه في حجة الوداع:

 

 "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"

فكيف يصدر من النبي صلى الله عليه و سلم أمر للأمة بعد إكمال الدين و انقطاع الوحي ويكون هذا الأمر إعطاء توتو منت حللي مبلغ ألف أوقية من كل فرد من أمته و أن تخبرهم بأن كل من دخل مكانها فقد حسنت خاتمته—وبهذا صيرته أعظم بركة من المسد الحرام و الحرم النبوي و القدس الشريف وكل البقاع المقدسة إذ لم يثبت لأي منها أن من دخله تحسن خاتمته وليس لأحد من الخلق ضمان بحسن الخاتمة

ثم إن العمل هو المصدر الطبيعي والوسيلة الأساسية للكسب ولهذا دعا الإسلام إلى العمل المثمر واختصه بالتمجيد ورفعه إلى مرتبة العبادة والجهاد في سبيل الله وليس للعمل ومجالاته حدود في الإسلام فكل عمل يبلغ بالإنسان غاية فيها نفع له دون إضرار بالغير فهو مقبول

إنما المنهي عنه هو التبطل و السؤال لقوله صلى الله عليه وسلم: 

"لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو إلى الجبل فيحتطب فيبيع ويأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس”. رواه الإمام أحمد في مسنده

 

فكيف يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه و سلم أحدا من أمته أن يسأل الناس ويبذل في سبيل ذلك وجهه و يتجرع ذل السؤال بعد أن حث على العمل و الكسب و عدم البطالة

 

ولله در القائل:

ذل السؤال و بذل الوجه ما اجتمعا...إلا أضرا بماء الوجه و البدن

فكيف للنبي أن يسأل أمته مبلغا تافها بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى ويكون ذلك عن طريق توتو منت حللي ويضمن لهم أيضا حسن الخاتمة بمجرد دخول مكانها بعد أن اختص بالتمجيد والتعظيم العمل حينما قال "من أمسى كالا من عمل يده أمسى مغفورا له" رواه الطبراني في الأوسط.

وعندما ذكر له رجل كثير العبادة سأل صلى الله عليه وسلم "من يقوم به" أي من يعوله قالوا أخوه فقال "أخوه أعبد منه"

خامسا:

أقول أن ما قالته توتو منت حللي لا يعدوا كونه إدعاء على رسول الله صلى الله عليه و سلم بدون سند يوثق به ولا بد لها من البية لما ثبث عن الصادق المصدوق أنه قال: 

"لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" متفق عليه.

 وللبيهقي بإسناد صحيح: 

"البينة على المدعي واليمين على من أنكر".

قال الصنعاني في سبل السلام: 

والحديث دال على أنه لا يقبل قول أحد فيما يدعيه لمجرد دعواه بل يحتاج إلى البينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك. وإلى هذا ذهب سلف الأمة وخلفها... والحكمة في كون البينة على المدَعي أن جانب المدعي ضعيف لأنه يدعي خلاف الظاهر فكُلف الحجة القوية وهي البينة فتقوى بها ضعف المدَعي.. وجانب المدعى عليه قوي لأن الأصل فراغ ذمته فاكُتفي منه باليمين وهي حجة ضعيفة. انتهى.

سادسا:

أما عن رأيتها للنبي صلى الله عليه و سلم فليُعلم أنه يمكن أن يرى الإنسانُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام وأن الشيطان لا يتمثَّل بصورته صلى الله عليه وسلم لكنه لا يتمثَّل بصورته الحقيقيَّة أما في صورةٍ أخرى فيمكن للشيطان أن يأتي ويزعم أنَّه النبي صلى الله عليه وسلم .

 

ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: 

من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي"

وفي رواية: "فقد رأى الحق". وفي رواية: "ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وهذا لفظ البخاري.

 

و عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: 

"مَن رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي" .رواه البخاري ومسلم .

 

زاد البخاري: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته .

 

 

وفي رواية عند أحمد : "فإن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي" .

قال الحافظ ابن حجر:

وقد رويناه موصولاً من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب - وهو من شيوخ البخاري - عن حماد بن زيد عن أيوب قال:

 

كان محمَّد - يعني : ابن سيرين - إذا قصَّ عليه رجلٌ أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : صِف لي الذي رأيتَه—فإن وَصف له صفةً لا يعرفها قال: لم تره. وسنده صحيح 

 

ووجدتُ له ما يؤيِّده فقد أخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب حدثني أبي قال: 

 

قلتُ لابن عباس رأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في المنام 

قال: 

صِفه لي 

 

قال:

 

ذكرتُ الحسن بن علي فشبَّهتُه به 

 

قال:

 

قد رأيتَه وسنده جيد." فتح الباري " 

 

 

ومع هذا كله فلو أدعت توتو منت حللي رأية النبي صلى الله عليه و سلم مناما دون اليقظة التي هي من أكبر ما نوزع فيه أكابر أهل الله على علمهم و عدالتهم مع أنهم لم يتاجروا بها و لم ينح واحد منهم ما نحت إليه توتو منت حللي 

 

فلو أنها أدعت رأيته دون ما زعمت و نسبت إليه من الدعاوى و تكليفها الأمة بما لم يكلفها به الله—لما أنكرنا عليها ولتركناها وشأنها وأمرها إلى الله لأنه مجرد إدعاء رأية تخصها هي في خاصة نفسها دون الأمة جمعاء فإن كانت صادقة فالأمر يعنيها و إن كانت كاذبة فالله حسيبها 

أما وقد إدعت رأيته صلى الله عليه و سلم يقظة ولم يدعها إلا أكابر العارفين من أهل الله—وقالت أنه أرسل معها رسالة تتضمن أمرا تبلغه للأمة وفيه تكليف لهم بما لم يكلفهم به الله فليس لنا بد من إبداء موقف الشريعة المحمدية و القبيلة العلوية و الطريقة التجانية منها ومن زعمها حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله.

فما قالته توتو منت حللي دعوى لا بينة عليها و لا دليل لها وقد صدق القائل:

والدعاوى ما لم تقيموا عليها ***** بيناتٍ أبناؤها أدعياءُ

 

 

سابعا:

أقول لنفسي و لتوتو منت حللي و للمسلمين أجمعين أنه يجب علينا جميعا أن نصون الجناب النبوي الكريم عن هذا النوع من توافه الأمور الدنيوية فقد كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد النَّاس في الدنيا وكان زهده صلى الله عليه وسلم اختيارياً فلو شاء لجعل الله له الجبال ذهباً

ولله در الإمام البصيري إذ يقول:

 

وراوَدَتْـهُ الجبالُ الشُّـمُّ مِن ذَهَبٍ...عن نفسِـه فـأراها أيَّمَـــا شَمَمِ 

وأكَّــدت زُهدَهُ فيها ضرورَتُــهُ...إنَّ الضرورةَ لا تعـدُو على العِصَمِ 

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من...لولاه لم تخرج الدنيا من عدم

 

وقد فتح الله تعالى له البلاد وجعل له خمس الغنائم حقاً له وكان له نصف مزارع خيبر ومع ذلك .. كان يتصدق بكل ما يأتيه من الأموال ويبقى ينام على الأرض ، ولا يجد شيئاً يأكله.

ولما تكلم بعض الناس على تقسيم الغنائم قال النبي صلى الله عليه وسلم: 

"إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا الْخُمُسَ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ" رواه أبو داود . 

 

 

قلت: الخمس الذي كان حقاً له من الغنائم لم يكن صلى الله عليه وسلم يأخذه لنفسه بل كان يتصدق به على المسلمين.

 

 

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول:

"اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" رواه مسلم.

فيسأل الله تعالى أن يرزقه حد الكفاية ولم يكن صلى الله عليه وسلم يطلب أكثر من ذلك. 

وهذه بعض الأحاديث التي تصف زهد النبي صلى الله عليه وسلم:

 

عن عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قالت: 

 

"مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ" رواه البخاري ومسلم.

 

وقالت أيضا رضي الله عنها: 

 

"إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ فسئلت: فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ ؟ قَالَتْ : الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ" رواه البخاري ومسلم.

وعنها رضي الله عنها قالت: 

"تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي رَفِّي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ" رواه البخاري ومسلم.

وقالت رضي الله عنها: 

 

"لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ" رواه مسلم.

 

 

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: 

 

"ذَكَرَ عُمَرُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنْ الدُّنْيَا فَقَالَ: 

 

"لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ" الدقل: رديء التمر . رواه مسلم.

 

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: 

"مَا أَكَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مُرَقَّقًا وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ" – مسموطة: أي: مشوية - رواه البخاري.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: 

"كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ اللَّيَالِي الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًا وَأَهْلُهُ لاَ يَجِدُونَ عَشَاءً وَكَانَ أَكْثَرُ خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ" رواه الترمذي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه:

 

"أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يربط على بطنه الحجر من الغرث – يعني الجوع -"رواه ابن الأعرابي في "المعجم".

وقال عمرو بن الحارث رضي الله عنه: 

"مَا تَرَكَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ سِلاَحَهُ وَبَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً" رواه البخاري.

 

وعن عَبْد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : 

"نَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً ؟ فَقَالَ: مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"رواه الترمذي 

 

وأحاديث زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر من أن تحصر لكن فيما ذكرناه كفاية.

 

كتبه العبد الفقير المعترف بسوء كسبه الطامع في عفو ربه صدام البشير العلوي تيب عليه و على والديه و المسلمين أجمعين.آمين

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد و على آله حق قدره و مقداره العظيم

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

رقم الواتساب: 0022242090909

 

رقم الجوال: 0022236888288