شبح العنف يخيم على الانتخابات المقبلة في نيجيريا

جمعة, 12/16/2022 - 09:02
شهدت البلاد تخريب 7 مكاتب انتخابية قبل الانتخابات العامة المقررة في فبراير المقبل

تطغى المخاوف من العنف والتهديدات الأمنية على مساعي نيجيريا لإجراء انتخابات سلمية وذات مصداقية في فبراير 2023، جراء مزيج من يأس السياسيين والتحديات الأمنية القائمة في معظم أنحاء البلاد.

 

وازدادت الهجمات العنيفة ضد التجمعات السياسية في الآونة الأخيرة، فبعد فترة وجيزة من بدء الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي لحزب الشعب الديمقراطي المعارض أتيكو أبو بكر، تعرض موكبه في منتصف نوفمبر الماضي، لهجوم في مدينة مايدوجوري شمال شرقي البلاد، معقل حزب المؤتمر التقدمي الحاكم.

 

وفي نفس الأسبوع، وقع هجوم آخر على أحمد تينوبو مرشح حزب المؤتمر التقدمي، عند إطلاق حملته في مدينة كانو الشمالية الغربية.

 

ويشعر النيجيريون بالقلق بشأن إمكانية تصويتهم في الانتخابات المقبلة بسبب المخاوف الأمنية، في ظل تهديدات إرهابية وانتشار قطاع الطرق والعنف المصاحب لتحريضات الانفصاليين، وغيرها من التحديات الأمنية في عموم البلاد.

 

** توتر متفاقم

يشعر عبد الغفار أولاجوكي (70 عاما) من بلدة أوسوغبو جنوب غربي البلاد، بالخوف من المشاركة في الانتخابات المقبلة، ويقول: "أنا وأفراد عائلتي سنبقى بعيدين عن مراكز الاقتراع إذا استمر هذا العنف. إنه أمر مخيف حاليا".

 

وأضاف أولاجوكي للأناضول أن الاشتباكات المستمرة بين أنصار الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد أدت إلى تفاقم التوتر في المنطقة.

 

وقالت الطالبة الجامعية ريجويس أونوها (20 عاما)، إنها غير سعيدة لأن فرصتها الأولى للتصويت في الانتخابات "لن تتحقق بسبب التهديدات الأمنية".

 

ومشيرة إلى أنها لم تتمكن من التصويت في انتخابات 2019 لأنها لم تبلغ سن 18 عاما، أضافت للأناضول: "كنت أتطلع لممارسة حق التصويت العام المقبل لأول مرة في حياتي، لكنني خائفة من موجة العنف والقتل، خاصة في ولايتي أنامبرا".

 

والأسبوع الماضي، وردت أنباء عن وقوع مزيد من الهجمات العنيفة وأعمال قتل في جنوب شرقي ولاية أنامبرا.

 

كما تعرض مكتب اللجنة الوطنية للانتخاب في ولاية إيمو (جنوب غرب) للتخريب، حيث ألقت الشرطة باللوم على تحريضات جماعة انفصالية تسمى "السكان الأصليون في بيفرا"، غير أنها لم تعلن مسؤوليتها عن الحادثة.

 

** السلطات ترد

من جانبها، قالت السلطات المحلية إنها "قلقة" من تصاعد العنف في البلاد، وطالبت السياسيين بتحذير مؤيديهم والالتزام بالقوانين.

 

وقال مستشار الأمن القومي باباغانا مونغونو، المقيم بالعاصمة أبوجا، إن 52 حالة عنف سياسي سُجلت في 22 ولاية بين أوائل أكتوبر ونوفمبر الماضيين.

 

وأوضح مونغونو لوكالة الأناضول، أن "هذا التطور سيئ ويجب أن يتوقف"، مشيرا إلى أن رئيس البلاد "أمر بضرورة إيقافه".

 

وقال إن الرئيس محمد بخاري أصدر توجيهات إلى جميع الأجهزة الأمنية لضمان إجراء انتخابات 2023 في "جو خالٍ من الحقد".

 

وفاز بخاري بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2019.

 

** العنف المفتعل

ومنذ أكتوبر الماضي، تعرضت للحرق أو التخريب على يد عصابات سبعة مكاتب على الأقل تابعة للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات مزودة بمعدات ومواد انتخابية، في خمس ولايات.

 

وقال فيستوس أوكوي، متحدث اللجنة الانتخابية، إن "أعمال العنف قد تؤثر على الانتخابات المقبلة في حال استمرارها".

 

وأوضح، في تصريح صحفي، أن "اللجنة ستستبدل المرافق المدمرة قبل حلول موعد الانتخابات، لكن من الصعب استبدالها إذا وقعت هجمات قبيل الانتخابات" بفترة وجيزة.

 

ورغم تأكيد أوكوي أن اللجنة الانتخابية تجري "محادثات وثيقة" مع الأجهزة الأمنية لتأمين المرافق الانتخابية، إلا أن منظمات المجتمع المدني تعتقد أن الهجمات يقف خلفها سياسيون بهدف تشتيت الانتباه عن العملية الانتخابية.

 

وأنحى إيزنوا نواغو، رئيس منظمة "شركاء الإصلاح الانتخابي" في نيجيريا، باللائمة على السياسيين لاستخدام العنف، بدلا من الانخراط مع الناخبين والمجتمعات المدنية.

 

وقال نواغو للأناضول: "نحتاج إلى منظمات وجماعات مدنية لوضع جدول الأعمال من خلال دعوة السياسيين إلى منصاتهم وإجراء تبادل هادف للآراء".

 

ويرى النيجيريون أن انتخابات العام المقبل "حاسمة" بالنسبة لهم، حيث سيجري انتخاب مجموعة جديدة من القادة في 30 ولاية من أصل 36 في عموم البلاد.

 

وتنتظر البلاد أيضا انتخاب رئيس جديد للبلاد سيتوجب عليه معالجة المشاكل الأمنية المتزايدة والتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة والفقر.

 

** أمن واقتصاد

ووفق مسح ميداني نشره المكتب الوطني للإحصاء بالبلاد، فإن 130 مليون نيجيري من بين أكثر من 200 مليون نسمة يعانون من "فقر متعدد الأبعاد"، وهو ما يعد ارتفاعا حادا من 83 مليون شخص كانوا يعيشون تحت خط الفقر قبل ثلاث سنوات.

 

ويرى باتريك أوتومي أستاذ الاقتصاد السياسي والإدارة، أن القائد الجديد للبلاد يتوجب أن يكون لديه القدرة على دعم عملة البلاد على المدى القصير والطويل.

 

وأوضح أوتومي للأناضول أن "النيجيريين يجب أن ينتخبوا زعيما لديه القدرة على تحليل المأزق الحالي، ويجب عليه أن يتعامل أولا مع الأمن، لأن الاقتصاد لا يمكن أن ينمو في بيئة غير آمنة".

 

وقال الخبير الأمني والمتحدث السابق باسم الجيش ساني عثمان، إن الوطنيين في نيجيريا "قلقون" من تصاعد العنف السياسي بسبب تداعيات ذلك على الأمن القومي.

 

ودعا اللواء المتقاعد في الجيش إلى تعزيز استخبارات الأجهزة الأمنية لتحسين حماية المرافق الانتخابية والأفراد.

 

** أوضاع متشابهة

من ناحية أخرى، يعتقد بعض النيجيريين أنه "لا شيء غير اعتيادي بشأن العنف المتزايد قبل انتخابات العام المقبل"، ومنهم أوماروا باتي، أستاذ الإعلام ونائب رئيس إحدى الجامعات في البلاد.

 

وأشار باتي، في مقابلة مع الأناضول، إلى أن "وضعا مماثلا حدث في بعض أجزاء البلاد في عامي 2015 و2019، حيث كانت بعض أجزاء الشمال الشرقي للبلاد تحت سيطرة إرهابيي بوكو حرام في عام 2015، ومع ذلك سمح للناس بالتصويت".

 

ويعتقد باتي أن "الأمور ستتحسن"، مطالبا السياسيين بالانخراط بشكل أكبر مع الناس.

 

وفي عامي 2015 و2019 واجهت الانتخابات النيجيرية تحدي التهديدات الإرهابية، لا سيما في شمال شرقي البلاد.

 

غير أن المناطق الشمالية الغربية والشمالية الوسطى والجنوبية الشرقية لم تشهد أعمال سرقة واختطاف وتحريض الانفصاليين في ذلك الوقت، على خلاف ما يجري حاليا.