هل تعوق إشكالية التمويل مقترح (إيكواس) بإنشاء قوة عسكرية جديدة؟

أربعاء, 12/14/2022 - 10:08

في أعقاب مؤتمر القمة الثاني والستين لرؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) تم اعتماد مشروعٍ لإنشاء قوة إقليمية جديدة، وهي غير معروفة المعالم في الوقت الراهن ولكنها تهدف إلى مكافحة الإرهاب والاستيلاء غير الدستوري على الحكم، وستمول هذه القوة من خلال الوسائل التي تستخدمها الدول الأعضاء.

 

فما هي أهمية هذه المبادرة علما أن G5 (القوة المشتركة لمجموعة منطقة الساحل الخمس) تواجه صعوبات في تحقيق المزيد من الدعم نتيجة نقص التمويل؟

 

ومما لا شك فيه أن مفاجأة القمة الثانية والستين لرؤساء دول وحكومات الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تمَّثلت في مبادرة إنشاء "قوة جديدة لمكافحة الإرهاب والاستيلاء غير الدستوري على السلطة في المنطقة دون الإقليمية" وفقاً لتصريحات عمر أليو توراي، رئيس مفوضية ECOWAS (الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، لإذاعة فرنسا الدولية.

 

(إيكوموج) الذراع  العسكري التابع للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا:

 

اعتمد رؤساء الدول والحكومات مشروعاً لتشكيل قوة إقليمية لم تُعرف ملامحها في الوقت الراهن في أعقاب مؤتمر القمة التي اختتمت فعالياتها، الأحد 4 ديسمبر، في أبوجا العاصمة النيجيرية، لكنها مبادرة تثير تساؤلات بشأن مشروع تكامل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي أنشئت في 28 مايو 1975 بهدف إنشاء اتحاد اقتصادي ونقدي.

 

لقد تم إنشاء مجموعة مراقبة وقف إطلاق النار التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، عام 1990، وكان الهدف من هذه القوة الإشراف على وقف إطلاق النار وحفظ السلام على غرار القبعات الزُرق للأمم المتحدة والانتشار الوقائي في مناطق الصراع ونزع سلاح القوات المسلحة غير النظامية. وقد تولت نيجيريا منذ إنشائها قيادة فريق المراقبين العسكريين التابع للجماعة الاقتصادية الذي يوفر أيضا معظم الأفراد والمعدات والتمويل.

 

وبينما كان لديها بضع مئات من الرجال وقت إنشائها، بلغ عدد أفراد فريق المراقبين العسكريين التابع للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOMOG) ما يصل إلى 20000 جندي في عام 1994، وتم نشرها في سيراليون في عام 1997، حيث تعرض للدمار جراء حرب أهلية مميتة، وتم نشرها كذلك في العام التالي، بناءً على طلب الرئيس الراحل لغينيا بيساو جواو برناردو فييرا، لمواجهة تمرد بقيادة الجنرال الراحل أنسومان ماني.

 

وبعد المساهمة في عودة السلام إلى ليبيريا، وعلى الرغم من الاتهامات بالتحيز والعنف ضد السكان، غادر فريق المراقبين العسكريين التابع للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ليبيريا في عام 1999, ثم تم نشره في كوت ديفوار، وبعد إبرام اتفاقات ماركوسي في عام 2003، تم دمج جنود فريق المراقبين العسكريين التابع للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في العام التالي في عملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار.

 

نقص التمويل لقوات إيكواس:

 

ولذلك فإن القوات التي يطلق عليها "القبعات البيض" التابعة لفريق المراقبين العسكريين للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قد تدخلت عدة مرات في العقود الأخيرة. وربما كان هذا هو السبب الذي أدى بالجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى إضفاء الطابع المؤسسي على سياستها الأمنية في عام 1999. وبعد أربع سنوات قامت لجنة الأمن التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في مايو 2003 بإنشاء قوة عسكرية للتدخل السريع لمعالجة النزاعات في المنطقة.

 

وكان يتعين على كل دولة من الدول الأعضاء توفير لواء من حوالي 500 رجل مدربين في عمليات حفظ السلام لهذه القوة بالإضافة إلى ضباط الشرطة والموظفين المدنيين؛ لكن لسوء الحظ، فإن نقص التمويل يجعل من الصعب تشكيل هذه القوة. لكن عقب الانقلاب الذي وقع في 22 مارس 2012 ضد الرئيس المالي الراحل أمادو توماني توري عطفا على التقدم السريع الذي أحرزه المتمردون الطوارق والإرهابيون، قرر رؤساء دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في قمة في داكار إنشاء قوة احتياطية فورا.

 

وقد عقد مؤتمر للمانحين في يناير 2013 في أديس أبابا بأثيوبيا لتعبئة الأموال، وقد ساهم الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي بمبلغ 450 مليون دولار في نشر حوالي 7000 جندي، بيْد أن كل هذه الجهود لم تكن كافية لوقف الإرهاب.

 

والأمر الأكثر أهمية هو أن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تواجه الآن أزمات معقدة مثل أزمة الساحل وأزمة حوض بحيرة تشاد، علاوة على ذلك، سلطت تدخلات الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، على مر السنين، الضوء على الافتقار إلى الوسائل العسكرية وقدرات التعبئة الدبلوماسية.

 

وفي مقال نُشر في يوليو 2016، دقت مجموعة الأزمات الدولية ناقوس الخطر بالفعل حول "ضرورة قيام المنظمة الإقليمية لغرب إفريقيا باستعراض جميع أبعاد قواتها الاحتياطية، ذراعها العسكري، التي خلّفت إيكوموج في عام 2004. هذا لا يتعلق بالعقيدة والإجراءات التشغيلية، فحسب ولكن أيضًا بخصوص تعبئة التمويل نظرا لما تعاني منه القوات المعنية من نقص متكرر في الموارد". مضيفا "يتعين علينا تعزيز القوة المشتركة G5 في منطقة الساحل بالإضافة إلى ضرورة توفير جميع الوسائل الضرورية مع السماح لها بالانتشار".

 

وقد أعرب آخرون عن قلقهم إزاء تكرار ما نشاهده في الواقع على غرار القوة المشتركة لمجموعة G5 التي أنشئت في عام 2017 لمعالجة توسع الجماعات المتطرفة المسلحة العنيفة وتدهور الوضع الأمني في المنطقة. وفي هذا الصدد، صرّح البروفسور رمضان زكريا عثمان، مؤسس المركز التشادي للدراسات الاستراتيجية والبحوث الاستشرافية، بالقول "في اعتقادي يلزم تعزيز القوة المشتركة لمجموعة الخمس بمنطقة الساحل وتزويدها بجميع الوسائل اللازمة لتمكينها من الانتشار والسماح لها بتشكيل نوع من السد المنيع بدلا من إنشاء شيء جديد فحسب ثم نتفاجأ بعدم فعاليته لاحقا؛ فضلا عن أننا لا نملك الموارد اللازمة لذلك"، على حد تعبيره.  ووفقاً للبروفسور رمضان زكريا عثمان فإن بعض البلدان متأخرة عن اشتراكاتها المقررة لمدة سنتين أو ثلاث سنوات.

 

إن الإشكالية المالية أكثر أهمية وفقاً لما صرح به عمر عليو توراي، رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، في إذاعة فرنسا الدولية قائلا: أنه "بالنسبة لهذه القوة الجديدة التي تنوي الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إنشاءها، قرر رؤساء الدول عدم الاعتماد على التمويل الطوعي لأننا حتى الآن رأينا أن التمويل الطوعي غير كاف ولا يصل أبدا، وعليه سوف ننظر إلى كيفية تمويل القوة بطريقتنا الخاصة" على حد تعبيره.