مفكر تونسي: الوضع الاقتصادي صعب ومشروع سعيد مآله الفشل

خميس, 06/09/2022 - 12:30
المفكر والإعلامي والسياسي التونسي صافي سعيد

اعتبر المفكر والإعلامي والسياسي التونسي صافي سعيد، أن "الجمهورية الجديدة التي يبشر بها الرئيس قيس سعيد غامضة"، مؤكدا أن البلاد تمر من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.

 

وأضاف في مقابلة مع وكالة الأناضول: "بصراحة أنا لا أرى ملامح هذه الجمهورية الجديدة، هو مصطلح غامض، ونحن لنا جمهورية فاشلة ولكن سنبني عليها جمهورية فاشلة أخرى".

 

وذكر أن "هذا التعبير (جمهورية جديدة) مفرغ من محتواه، فالجمهورية تعرف بمحتواها وإنجازاتها وطريقها إلى المستقبل".

 

وتابع: "سعيد ليس له حزب ولا برلمان يملك فيه أغلبية، له جمهور هلامي وليست جماهير (..) له جمهور صغير لا يفهمونه ولا يتكلمون نفس اللغة".

 

واستطرد: "ليست لهم (مناصري سعيد) أفكار سياسية ولا يعرفون أفكار رئيسهم وهو لا يعرف من أين أتوا ومن أي مدارس فكرية"، وفق تقديره.

 

ومنذ 25 يوليو 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم قضائية.

 

** "انقلاب على الدستور"

وحول إجراءات الرئيس التونسي منذ 25 يوليو الماضي، قال صافي سعيد وهو مرشح رئاسي سابق في 2019: "ما قام به قيس سعيد هو انقلاب على قواعد الدستور".

 

وأضاف: "هو قام بانقلاب دستوري بمساعدة الشرطة والجيش، ويتكلم من وزارة الداخلية أو ثكنة من الثكنات".

 

وأفاد بأن "الرئيس مدعوم أو يستند إلى قوتين هما الأمن والجيش، ومن له نظرة ثاقبة فهم هذا منذ 25 يوليو، ومن لم يفهم ذلك فهو قصور منه".

 

واستدرك: "هو ( سعيد) ذاهب في الانقلاب والدليل على ذلك كل يوم يستحوذ على فضاء من فضاءات السلطة بما في ذلك نتائج الاستفتاء التي ستصدر هي موجودة الآن"، بحسب تعبيره.

 

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على الدستور"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).

 

فيما يرى سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 أعوام، أن إجراءاته "تدابير في إطار الدستور لحماية البلاد من خطر داهم".

 

** "القوى الصلبة"

وأفاد المتحدث، بأن "مشكلة تونس هي أنه ثمة قوى، وجدت نفسها مهمشة في اللعبة الديمقراطية وجاءتها فرصة لاسترجاع قوتها".

 

وتابع: "(وزارة) الداخلية تشعر بالتهميش منذ 2011، فالأحزاب والبرلمان أصبحوا يتحكمون في الأمور وفي الميزانيات وفي الرقابة، فهم (القوى الصلبة) جاءتهم فرصة لاسترجاع قوتهم".

 

وذكر أنه ليس لـ"قيس سعيد نظام جديد بل هو نظام قديم جديد يريدون به إعادة غزو للسلطة من جديد واسترداد النظام السابق".

 

وعادةً ما تنفي السلطات التونسية مثل هذه الاتهامات، وتؤكد أن الهدف من إجراءاتها "محاربة الفساد والإصلاح للانتقال بالبلاد إلى عهد جديد".

 

** "مشروع فاشل"

واعتبر المفكر التونسي أن "هناك مجهولا وهناك نهاية مرسومة للمشروع (مشروع الرئيس سعيد)، المشروع غير قابل للنجاح لأنه بني على الغش والاحتيال والأوهام. ومن معه ليسوا مفكرين كبارا".

 

وذكر أن "كل مرحلة سياسية تعقبها مرحلة أخرى أي تنتهي وليس هناك شيء دائم، السياسة هي عالم المتغير ومن لا يفهم ذلك فلا يجب عليه الاهتمام بالسياسة".

 

وتساءل: "هل سينجح مشروع قيس سعيد أقول لا، وإذا قلت لي مشروعه سينتهي ذات يوم أقول لك نعم (..) في تونس هناك وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة جدا جدا".

 

وبجانب أزمتها السياسية، تعاني تونس أزمة اقتصادية وظروف اجتماعية صعبة، فاقمتها تداعيات تفشي فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية.

 

** اتحاد الشغل

وأفاد صافي، بأن "كثيرا من السلط القوية التي كانت تظن أن الطرق معبدة أمامها اصطدمت بحقائق أخرى (..) هناك صدامات قادمة في الطريق وهي الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية".

 

واستطرد: "هذا الشعب الذي يكبر ويجوع يهاجر ويهان (..) من أدراك أن اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) لا يقوم بعد شهرين أو ثلاثة بإضراب عام؟".

 

واستدرك: "إذا دُفع الاتحاد إلى إضراب فستكون نهاية قاسية لمثل هذا النظام لأنه نظام هش قائم على الأوهام وعلى الكلام والقرارات".

 

وتابع: "الاتحاد قوة اجتماعية يفهم البلاد.. ولكن ليس قوة سياسية وليس مطلوبا منه ذلك، بل مطلوب منه التعامل مع كل الحكومات والتفاوض معها بقدر وبحسابات".

 

وأوضح أن الاتحاد "اليوم اتخذ موقفا يستحق عليه التحية موقف محوري موقف يعادل موقف كل المعارضات".

 

ورفض اتحاد الشغل، المشاركة في الحوار الوطني الذي انطلق في 4 يونيو/ حزيران الجاري، بدعوة من الرئيس سعيد، تمهيدا لتنظيم استفتاء على الدستور، في 25 يوليو المقبل.

 

** الاستفتاء والبرلمان المنحل

وبخصوص الاستفتاء على دستور جديد للبلاد، قال صافي: "بأي نسبة سينجح الاستفتاء، هل سألنا عن ذلك؟".

 

وأردف: "في الاستفتاء على الدستور إذا كانت خمسين بالمئة مع، وخمسين بالمئة ضد، فأنت قسّمت الشعب ولم تنجز له دستورا بل أنجزت دستورا لنصف الشعب فقط".

 

وتابع أن "المطلوب هو تصويت بـ66 بالمئة في الاستفتاء، هل يبلغ (سعيد) هذه النتيجة؟ إذا لم يلغ النتيجة هل يستقيل أم لا؟ هذه أسئلة لا يطرحها أحد".

 

وبشأن البرلمان المنحل، أضاف: "البرلمان كبرلمان لم يعد موجودا تم حله وعلينا تجاوزه إلى مرحلة أخرى".

 

وأفاد بأن "البرلمان انتهى رسميا، كيف حُل؟ (..) بطريقة غير شرعية، كل شيء حل بطريقة غير شرعية وهذا ينطبق على البرلمان وغيره في تونس، لذلك نقول انقلابا".

 

وفي 30 مارس الماضي، أعلن الرئيس التونسي، حل البرلمان "حفاظا على الدولة ومؤسساتها"، وسط رفض محلي ودولي.

 

** تأثيرات خارجية

وحول التأثيرات الخارجية على الوضع في تونس، قال المتحدث، إن "أوروبا اليوم مهتمة بنفسها والولايات المتحدة بأزمة أوكرانيا"، في إشارة إلى أن الوضع التونسي ليس أولوية للأوروبيين والأمريكيين.

 

وأضاف أن الدول الأجنبية لا يمكنها "منح دولة مفلسة أموالا للاستثمار (في إشارة للأزمة الاقتصادية في تونس) نحن بالكاد نتحصل على بعض النقود (مساعدات وقروض خارجية) لتسديد الديون".

 

وبشأن العلاقة مع الجزائر، أفاد بأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون صرح بأن "تونس يجب أن ترجع للديمقراطية، وهذا معطى، تبون لا بد أن له معطيات وملاحظات".

 

وأردف: "الجزائريون بنوا تحليلا جديدا بأن الوضع غير المستقر (في تونس) قد يضر بهم ويضر بتحولات الاقتصاد الجزائري، فإذا أرادوا مد خط غاز جديد إلى إيطاليا سيجدون مشاكل".

 

وفي 26 مايو الماضي، أعرب الرئيس الجزائري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي بالعاصمة روما، عن استعداد بلاده "لمساعدة تونس في تجاوز المأزق الراهن والرجوع إلى الطريق الديمقراطي".