التعليم في موريتانيا بين الحقيقة والادعاء

أحد, 07/29/2018 - 22:39

التعليم في موريتانيا.. بين الحقيقة والادعاء                              

بقلم / عبد الناصر بيب

يعتبر التعليم هو الركيزة الأساسية لأي تغيير منشود والمفتاح لخلق مستقبل مستدام، وفي موريتانيا يعاني التعليم من تراكمات عقود من الاستراتيجيات الغير ناجحة لمختلف الانظمة خلال العقود الماضية، حيث صنفت بعض المنظمات الدولية الحالة التعليمية في موريتانيا ضمن الأضعف عربياً، وتذيّلت البلاد مؤشر التعليم العالي والتدريب لعام 2017-2018، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بحصولها على درجة إجمالية متوسطة بلغت 1.9 وأحتلت المرتبة 137.

وبسبب عدم تطوير العملية التعليمية استشرت البطالة وانتشر الفقر، وحسب المعطيات فحوالي 12% فقط من خريجي جامعة نواكشوط يجدون فرص عمل، بينما 50% من تلاميذ المدارس الفنية يتم الاستفادة بهم في سوق العمل، ولأن الناس لا يعتبرون التعليم بوابة للحصول على فرص عمل ونظراً لقلة رواتب التعليم تشير معظم هذه الأرقام إلى أن حوالي 40% من التلاميذ لا يكملون دراستهم الابتدائية بل يتسربون من التعليم، ولوحظ أيضاً تراجع واضح في أعداد العاملين في العملية التعليمية الموريتانية، وفي نفس الوقت تعاني المدارس والمعاهد والجامعة الموريتانية عجزاً واضحاً في التجهيزات والبنية الأساسية، فمثلاً لا يتوافر من الكتب المدرسية إلا 40% على الأكثر، وهذه كلها أرقام حكومية.

   
 

ومنذ البداية كان واضحًا أن إصلاح التعليم يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع وتدخل عاجل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذ، وهنا أعلن أن سنة 2015 سنة للتعليم، ورغم هذا الاعلان لم يتغير حال التعليم لا على مستوى تدريب وتكوين المعلمين والأساتذة أو إنشاء بنية تحتية أو صياغة برامج لإصلاح القطاع أو حتى القضاء على بعض مظاهر الفساد الإداري والمالي في المؤسسات التعليمية، وعلى العكس فقد شهد القطاع في هذه السنة والسنوات الموالية انهياراً شديداً أدى باعتبارهم من بين الأسوء منذ تأسيسه، وذالك من خلال جميع الأرقام والمعطيات، وخير دليل على ذالك نسب نجاح الطلاب في جميع المسابقات الوطنية .

فمثلاً لم تتجاوز نسبة النجاح في الدورة الأولى من الباكلوريا لهذا العام 2018 حوالي 8% كانت نجاح نسبة 2% بالمداولات لمنحهم نقاطا لإكمال المعدل اللازم للنجاح، وبلغ مجموع الناجحين في الباكلوريا 2956، من مجموع المشاركين البالغ عددهم 49993، وكان لافتاً أيضاً - وكما جرت العادة - أن عدد المتغيبين عن الامتحان يقترب من عدد النجاحين في المسابقة.

ففي مسابقة ختم الدروس الاعدادية في عموم موريتانيا أظهرت النتائج أن نسبة النجاح بلغت هذا العام 31.65%، حيث تقدم للمسابقة 60.330 تلميذ، نجح منهم 19.094 .

وعلى مستوى شهادة الدروس الابتدائية وصلت نسبة الناجحين في امتحان ختم الدروس الابتدائية 59% بحسب النتائج التي أعلن عنها، وأوضحت النتائج أن لجنة التصحيح اعتمدت معدل 90 نقطة من أصل 200 للنجاح في الامتحان.

 

 

وعلى المستوى الجامعي، قام وزير التعليم العالي والبحث العلمي بإلغاء أكثر من 1000 منحة داخلية وأكثر من 300 منحة خارجية، كما تم ترحيل كليات الآداب والعلوم الإنسانية و العلوم والتقنيات والطب إلى أرض خلاء دون أن تقدم الجامعة للطلاب مكان للسكن، ولم توفر هذه الجامعة أو وزارة التعليم العالي من أجل نقل أكثر من 10 ألاف طالب جامعي في هذه الكليات الثلاث سوى 20 باص على الأكثر، بعضها متهالك كان يتساقط يومياً في طريقه إلى الجامعة، وبعد أن واجهت الطلاب بالقمع والتنكيل والضرب خلال إضرابهم من أجل توفير النقل والسكن والمطعم، والذي دام عدة أسابيع، اتفقت الجامعة مع ائتلاف النقابات الطلابية، وحتى هذه اللحظة لم تلتزم الجامعة بكل بنود الاتفاق .

وحتى يومنا هذا، وبعد سنة التعليم، مازال القطاع يحتضر وفي أزمة جداً معقدة، وهو مايثبت أيضاً أن مختلف الأنطمة فشلت كلياً في فك بعض رموز هذه الأزمة، أو بالأحرى زادت التعليم تأزماً، حيث مازال تدهور مستوى الطلاب والمعلمين والأساتذة قائماً والظروف الصعبة هي نفسها .

 

اللهم إنا لا نسألك رد القضاء،  ولكنا نسألك اللطف فيه .