معارك ديبلوماسية صعبة تنتظر المغرب داخل أروقة الاتحاد الإفريقي

ثلاثاء, 07/04/2017 - 09:11

خاض المغرب، نهاية الأسبوع الماضي، أول معركة دبلوماسية له داخل الاتحاد الإفريقي بعد العودة التي دشنها في يناير الماضي، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب. وقد ترأس الأمير مولاي رشيد وفداً رسمياً شارك، أمس الاثنين، في أشغال القمة الـ29 لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، فيما شارك ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، نهاية الأسبوع، في اجتماع مهم.

وقد شهدت أروقة الاتحاد في أديس أبابا معركة دبلوماسية محتدمة في المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد الأفريقي بين المغرب وحلفائه من جهة، والجزائر وجبهة البوليساريو من جهة أخرى. هذا الاجتماع حضره وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ونجح المغرب خلاله في تحقيق "مكسب صغير" تمثل في إدخال تعديلات على تقرير اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

التقرير كان يضم فقرة تنص على "إرسال لجنة لتقييم حقوق الإنسان في المناطق المحتلة"، وهو ما دفع المغرب إلى الاحتجاج عليه لكونه يمس بسيادته على الصحراء، ما جعل وزراء الخارجية في الاتحاد يطلبون وساطة من لدن نيجيريا للوصول إلى حل متوافق عليه.

المواد موضوع الخلاف كانت تتكرر منذ سنوات، لكن المغرب وضع نصب عينيه هذا التقرير منذ عودته إلى مؤسسة الاتحاد الإفريقي، وراهن على إدخال تعديلات تحد من ورود مصطلحات تمس بسيادته على الأقاليم الجنوبية؛ وذلك بدعم كبير من دول صديقة عدة.

وبحسب ما نقله موقع "جون أفريك"، فقد نجح وزراء الخارجية الأفارقة في التوافق على اعتماد صيغة "أكثر دقة وأقل عدائية" للجانب المغربي تنص على "إرسال بعض الوفود من البلدان الأعضاء بعثة لتقييم حالة حقوق الإنسان في الإقليم المعروف لدى الأمم المتحدة تحت اسم الصحراء الغربية، ولدى الاتحاد الإفريقي باسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، مع تسجيل معارضة عدد من الدول الأعضاء على هذه الصيغة.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من الدبلوماسية المغربية بخصوص هذا الأمر، ولا يعرف ما إذا كان التقرير قد اعتمد في صيغة نهائية أم ستتم مناقشته مع الدول المعنية في الأيام المقبلة، ضمن أجندة الدورة 29 للاتحاد الإفريقي المستمرة لأيام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وفي تعليق على هذه المستجدات داخل الاتحاد الإفريقي، قال محمد شقير، باحث في المجال السياسي متابع لملف الصحراء، إن "معركة المغرب في الاتحاد الإفريقي تحتاج إلى استراتيجية وموارد بشرية ومالية"، مشيراً إلى أن مشاركة الأمير مولاي رشيد في القمة 29 وحضور بوريطة نهاية الأسبوع في أحد أهم اللجان "تعتبر أول مشاركة بمستوى رفيع للمغرب في هذه المؤسسة بعد العودة".

ويرى الباحث، في تصريح لهسبريس، أن هذه المشاركة بمثابة "إشارة سياسة كبيرة" تعني عودته بقوة إلى "المكان الطبيعي داخل الاتحاد الإفريقي"، وأضاف قائلاً: "أكيد أن المماحكات والجدالات مستمرة؛ لأن الصراع الذي كان يخوضه المغرب خارج الاتحاد الإفريقي أصبح داخله، الأمر الذي يوجب التمرس داخل دواليب الاتحاد بكل الوسائل".

وأشار شقير إلى أن 32 سنة من غياب المغرب على الاتحاد الإفريقي تعني أن خصومه لديهم "سبق في التمرس والعلاقات داخل الاتحاد الإفريقي، وهو الأمر الذي يجب أن يواكبه المغرب بشكل أكبر ويتابع كل التحركات كي لا يؤثروا على الفاعل الأممي بخصوص ملف الصحراء".

وأضاف أنه يتوجب على المغرب أن يضع تصوراً عاماً لتحركاته داخل الاتحاد الإفريقي، وألا يبقى رهين ردود الفعل، خصوصاً أن خصومه يحاولون إبراز التداعيات الحقوقية لملف الصحراء، وأكد في القابل أن "المغرب لديه كل الإمكانيات لإحباط هذه المناورات، لكن المعركة ستكون صعبة".

وكانت أشغال الدورة الـ29 لقمة الاتحاد الإفريقي قد انطلقت بالدورة العادية للجنة الممثلين الدائمين، تمهيداً لأشغال الدورة الواحدة والثلاثين للمجلس التنفيذي على مستوى وزراء الخارجية للدول الأعضاء، التي أنهت أشغالها مساء الأحد.

وشارك وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في هذه الدورة للجنة التنفيذية الممهدة للدورة العادية الـ29 لمؤتمر قادة الدول والحكومات للاتحاد الإفريقي، المقرر عقده يومي 3 و4 يوليوز المقبل، ضمن وفد مهم ترأسه الأمير مولاي رشيد.

وفي سياق متصل سلم الأمير مولاي رشيد باسم الملك محمد السادس، للرئيس الغيني، ألفا كوندي، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، مذكرة أولية بعنوان "رؤية لأجندة إفريقية حول الهجرة"، أمس الاثنين بأديس أبابا، خلال افتتاح القمة ال29 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي المنعقدة تحت شعار "الاستفادة كليا من العائد الديمغرافي لإفريقيا بالاستثمار في فئة الشباب".

وترتكز هذه المذكرة الأولية على أربعة محاور أساسية وهي السياسات الوطنية والتنسيق الإقليمي، والبعد القاري والشراكة الدولية.

بدوره قال وزير الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، إن الخطاب الملكي الذي وجهه الملك الى القمة الـ29 للاتحاد الافريقي، أبرز رؤية الملك ليس فقط للقارة الإفريقية ولكن أيضا لمنظومة الاتحاد الافريقي وفق منظور جديد، موضحا أن هذه الرؤية تتجلى أساسا في كيفية مسايرة الاتحاد الافريقي لطموح شعوب وقادة افريقيا والبحث عن كيفية بلورة الاتحاد لهذا التصور.

وأضاف أن الخطاب الملكي الذي ألقاه بالنيابة الأمير مولاي رشيد تطرق الى التحديات الآنية التي تواجه القارة، والتي تعتبر اليوم في صلب أجندة هذه القمة، ويتعلق الأمر اساسا بالشباب والهجرة.