مرافعة الأستاذ/ يعقوب ولد العاقل عضو فريق دفاع الطرف المدني (ورثة الصوفي الشين)

خميس, 03/14/2024 - 12:32

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة، السيد وكيل الجمهورية، السادة المحامين الزملاء، السادة الحضور..
     خير بداية دائما هي البدء بحمد الله، جلت قدرته عليه عز وجل اعتمادنا، وبه سبحانه وتعالى اعتزازنا.
   قال الله سبحانه وتعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الاخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت يدك إلي لتقتلنى ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فبعث الله غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين من أجل ذالك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)
وقال تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص)
وقال تعالى: (ولكم في القصاص حياة ياولي الالباب لعلكم تتقون) صدق الله العظيم
   وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدرى القاتل فيما قتل ولا المقتول على أي شيء قتل) 
وقال صلى الله عليه وسلم (أول ما تقضى بين الناس بالدماء) . ويشير هذا الحديث إلى تغليظ أمر الدماء، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة لعظم أمرها وكثير خطرها.
   ونحن بصدد الحديث عن جريمة قتل هزت الرأي العام الموريتاني نتساءل:   ألهذا الحد بلغ ظلم الإنسان لأخيه الإنسان؟
  بعد إغتيال الحقوقي صوت الشعب: الصوفي ولد الشين إجتمع الناس من كل حدب وصوب على صعيد ساحة بن عباس، للصلاة عليه وتشييع جنازته، وفي ذلك تعبيرا عن حزن وألم شديد لحق بكل فرد من أفراد هذا الشعب، بفقد رجل كان يدعو إلى وحدة هذا الشعب. وفي ذلك يقول الشاعر عبد الرزاق:
وحدت شعبك بعد الموت يا صوفي"" ومن يصافى الورى طول المدى صوفى
هذى البرية قد جاءت تشيعكم"" معروفها جاءكم أوغير معروف
كل تلاحم للتوديع دون ونى"" فكل من  غاب عنكم غير منصوفى
كم قد دعوت إلى توحيد لحمتنا"" أو وصل مرحمة أو بذل معروف ....

السيد الرئيس السادة أعضاء المحكمة الموقرة ... 
  لا ضير أن نتذكر معكم بعض وقائع هذه القضية (حسب محاضر الضبطية والتحقيق..) فبعد أن حضر الضحية إلى مفوضية دار النعيم رقم 2 ، على إثر شكاية تقدم بها أحدهم ضده ، بدأ التحقيق معه حول الشكوى والدخول في مفاوضات مع الشاكى بغية التوصل لحل ودى وصلح حول الضرر المدعى به، وقد باءت تلك المحاولة بالفشل ليأمر قائد المفوضية من ثم بوضع المشكو منه رهن الحراسة النظرية قبل أن يأمر بإخراجه من غرفة الاعتقال واحضاره إلى مكتبه حيث دخل معه المفوض فى مفاوضات بحضور عناصر ضبطية قضائية من مفوضية الشرطة القضائية بنواكشوط الشمالية مما أدى إلى نشوب نقاش حاد بمكتب المفوض ويأمر الأخير بإحضار أصفاد حديدية، حيث أفضى ما دار بين عناصر الضبطية القضائية والمشكو منه إلى سقوط و وقوع هذا الأخير فاقدا الوعي، مما حدى بالمفوض إلى اعطاء أمر بنقل الموقوف المغشي عليه إلى مستشفى الشيخ زايد من أجل إسعافه قبل أن يتبين أنه لفظ أنفاسه الأخيرة . (... ) رحمه الله تعالى 

-السيد الرئيس ... 
بعد أن رأينا الوقائع لنرى الظروف المشددة للعقاب ومدى إنطباقها على هذه الوقائع ((ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حيي عن بينة ))
إن جريمة القتل من اقدم الجرائم التى عرفتها البشرية وأكثرها فظاعة لكونها تمس الإنسان في أبرز حقوقه و أقدسها وهو حقه في الحياة .
لذلك فإن العقاب المسلط على مرتكبها يتسم بالقساوة والشدة ، ولقد ميز المشرع بين نوعين من القتل هما : القتل العمد والقتل الخطأ ، و بالنسبة للقتل العمد فإنه من الممكن أن يكون مجردا او مشددا فيكون القتل العمد مشددا إذا اقترن بأحد الظروف المشددة للعقوبة ... 
فالمشرع الموريتاني تأسيا ببعض التشريعات الأخرى كالمشرع التونسي في المواد:(201 - و - 205 ) من الق التونسي ، خص القتل العمد المجرد بالمادة (271) من الق الجنائى و أقر بسجن الجاني بقية العمر . 
ولكن مع توفر ظرف التشديد فإن العقوبة ستصبح الإعدام إذ نص في المادة 278 من الق الجنائى على أنه : (يعاقب بالإعدام كل من إرتكب جريمة الاغتيال ) . 
ويرى بعض رجال الق أن عقوبة الإعدام على الرغم من شدتها إذ أنها تؤدي إلى حرمان المحكوم عليه من حقه في الحياة هي العقوبة المناسبة بالنسبة لمن إرتكب جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد . 

السيد الرئيس .... 
من الظروف المتصلة بالجريمة والمشددة للعقاب المسلط على الجاني نجد ظرف ارتكاب الجريمة من طرف عدة أشخاص أي التعدد ، والمقصود بالتعدد هو تعاون شخصين أو أكثر لكل منهما أو منهم دوره المادي و إرادته الجنائية الخاصة في تحقيق الجريمة . 
وللتعدد آثار : فإقدام عدة أشخاص على إرتكاب الجريمة يضفي عليها صبغة الخطورة ، وهو ماجعل المشرع يشدد العقاب المسلط على مرتكبيها . 
ومن ظروف التشديد كذلك مكان وزمان إرتكاب الجريمة فالمشرع يعتبر مكان وزمان ارتكاب الجريمة من الظروف الموضوعية المتصلة بالجريمة و المؤدية إلى التشديد في العقاب المسلط على مرتكبها . 

السيد الرئيس .... 
كنا إذا ادلهم الخطب وشعرنا بالخوف على أنفسنا أو أموالنا إتجاهنا إلى أقرب مفوضية للأمن عندها نشعر بالسعادة والأمان حتى جاءت هذه الواقعة فقلبت الموازين وأصبحت مفوضية دار النعيم رقم 2 مصدر قلق و ألم وخوف وسخرية ... مجسدة بذلك مقولة : "من مأمنه يؤتى الحذر" .
السيد الرئيس ....
أختم بقول أبو الفتح البستي : 
عليك بالعدل إن وليت مملكة @ و احذر من الجور فيها غاية الحذر 
فالعدل يبقيه أنى احتل من بلد @ والجور يفنيه في بدو وفي حضر . 

و أما الطلبات فهي نفس طلبات الطرف المدني (القصاص )

و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. 

ذ / يعقوب ولد العاقل