منتدى الاستثمار الإفريقي 2022: رؤساء الدول الإفريقية يطمئنون المستثمرين

أربعاء, 11/16/2022 - 11:03

اجتمعت المؤسسات المالية والبنوك الإنمائية والمصارف التجارية والشركات متعددة الجنسيات والمجموعات الاستثمارية ذات الأنشطة الاقتصادية الكبيرة في أبيدجان في إطار الدورة الثالثة لمنتدى الاستثمار الإفريقي.

 خلال هذا المنتدى ركّز الزعماء المشاركون على مسألة الربحية "المعترف بها" التي تتمتع بها الأسواق الإفريقية في ظل إعادة النظر في بعض العوامل التي تؤدي إلى تفاقم المخاطر، وتسليط الضوء على الأمثلة الملموسة التي تدل على مرونة الأسواق الإفريقية وقدرتها على الصمود.

وفي هذا السياق، تساءلت سهلورق زودي، رئيسة جمهورية إثيوبيا، قائلة: "هل من قرار أو مشروع خالٍ من المخاطر في الحياة؟"؛ علمًا بأن هذه السيدة دبلوماسية قديرة جديرة بالاعتزاز باعتبارها أول امرأة تصل إلى أعلى منصب في بلادها. وفي سياق تأكيدها على الفرص الاستثمارية التي تمثلها القارة الإفريقية أضافت: "لا أعتقد أن هناك مواقف مثالية للمستثمرين، وما يُثبته الواقع أن الاستثمارات مربحة دائمًا في إفريقيا توحي بأن المخاطر تجلب العوائد، مع العلم بأن العوائد يتم الحصول عليها أيضًا على المدى الطويل"؛ حسب ما صرحت به أمام جمهور من المستثمرين من جميع أنحاء العالم في افتتاح الدورة الثالثة من AIF (منتدى الاستثمار الإفريقي).

جدير بالذكر أن هذا المنتدى الإفريقي للاستثمار يُعقد سنويًّا، وكان أول من أطلق فكرة المنتدى أكينوومي أديسينا، رئيس BAD (بنك التنمية الإفريقي) في عام 2018م في الفترة من 2 إلى 4 نوفمبر في أبيدجان تحت شعار "تعزيز الصمود الاقتصادي من خلال الاستثمارات المستدامة".

الأكثر ربحية في العالم من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر:

بلغ معدل تخلُّف السداد في الاستثمار في البنية التحتية على مدى السنوات الـ14 الماضية 12.6% في أمريكا اللاتينية، و8.8% في آسيا، و8.6% في أوروبا الشرقية، و7.6% في أمريكا الشمالية، و5.9% في أوروبا الغربية، و5.5% في إفريقيا. وهذا يجعل القارة أكثر المناطق ربحية لهذه الاستثمارات وفقًا لتقرير صادر عنMoody's . وأظهرت دراسة أخرى أجرتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا أن القارة هي الأكثر ربحية في العالم؛ من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 14% بين عامي 2011 و2016م في حين كان المتوسط ​​العالمي 7.1%.

العوامل التي تزيد من المبالغة في تصور المخاطر في إفريقيا:

في مواجهة إحصائيات مشابهة التي تعتبر إفريقيا عمومًا بأنها الوجهة الاستثمارية "الأكثر خطورة"؛ ناقش الرؤساء الأفارقة المشاركون مع نظيرتهم الإثيوبية عن عالمية المخاطر، وخاصةً في سياق الأزمة العالمية في السنتين الماضيتين؛ "إن الحرب الروسية الأوكرانية تُشكّل خطرًا، ولكنها ليست إفريقية المنبع. وشأنها كشأن "كوفيد-19" الذي كان يُمثِّل خطرًا فرض نفسه على الجميع"؛ على حد قول نائب الرئيس الإيفواري تيموكو ميليتي كوني -الذي حضر نائبًا عن الرئيس ألاسان واتارا- الذي حالت الارتباطات ذات العلاقة بمنصبه دون مشاركته في المنتدى. وأضاف: "إن الخطر عالمي، ولكن التعامل مع هذا الخطر هو الذي يُحْدِث فرقًا كبيرًا"؛ على حد قوله.

فيما عبّر الرئيس الغاني، نانا أكوفو أدو (أحد المشاركين في المنتدى والذي تشهد بلاده أزمة اقتصادية حادة) عن أسفه لهذه التكهنات، مشيرًا إلى أن أحد العوامل التي تعزّز مستوى المخاطر في بعض أسواق الاستثمار في القارّة هو في كثير من الأحيان "التدفق غير المنضبط للأموال إلى الخارج، والذي يقوّض وضعنا النقدي"، مشيرًا إلى أن القارة تُمثِّل حلّاً لمشكلة تغيُّر المناخ العالمي يجب أن يُشَكِّل ذلك حافزًا لدى المستثمرين؛ "إن حلول القضايا التي تُشكل أهمية كبرى بالنسبة للعالم موجودة في إفريقيا. وإذا عملنا على النحو اللائق فسوف يكون بوسعنا إزالة الكربون من العالم"؛ على حد تعبيره.

كيف استطاعت زيمبابوي الصمود رغم خضوعها لعقوبات دولية منذ 21 عامًا؟

أشار إيمرسون منانجاجوا، رئيس زيمبابوي الدولة التي تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية منذ 21 عامًا، إلى إمكانات القارة من خلال الاستشهاد ببلده، وأوضح أن غياب الدعم الغربي لبلاده لم يعرقل تحقيق معدل نمو غير عادي بمعدل 19،7% في عام 2010م أو 16،7% في عام 2012م. وبعد الركود الحاد في عامي 2019-2020م ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5،8% في عام 2021م. مضيفًا: "خلال فترة الكوفيد اعتمدنا على علمائنا المحليين بخصوص إنتاج اللقاح. وفي مجال محو الأمية لدينا اليوم أعلى معدل للإلمام بالقراءة والكتابة.. نحن نعتمد الآن على اقتصادنا لبناء نمونا"؛ ممّا يسلّط الضوء على إمكانات البلدان الإفريقية سواء في المجال الزراعي -مع امتلاك القارة لـ60% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم– أو في المعادن؛ حيث تُمثِّل القارة مصدرًا للعديد من الصناعات العالمية.

 وعود أديسينا للمستثمرين:

 وفي حين أكّد أكينومي أديسينا، رئيس مؤسسة التمويل الدولية التي عقدت مؤتمرين في جنوب إفريقيا بمشاركة الرئيس سيريل رامافوسا ونظيره في رواندا بول كاغامي، على الفجوة القائمة بين النظرية والتطبيق، وذهب الزعيم النيجيري إلى القول: "إن إفريقيا ليست محفوفة بالمخاطر كما تتصورون"؛ هذا ما صرّح به أثناء تقديمه الوعود لنخبة التمويل العالمي المجتمعة في العاصمة الإيفوارية، مؤكدًا أن "التصور لا يعكس الواقع بالضرورة"، معلنًا للمشاركين في المنتدى "نحن هنا لإرسال رسالة قوية لكم أيها المستثمرون: سنقلل من مخاطر الاستثمارات، ونشارك في تمويل الاستثمارات، وسندعم استثماراتكم طوال العملية بدءًا من إعلان النشاط وتكوين مجالس الإدارة إلى طرح مشاريعكم"، على حد تعبيره.

جدير بالذكر أن باتريس تالون، رئيس دولة بنين، لم يحضر الاجتماع في أبيدجان، ولم يُوفِد ممثلاً عنه رغم الإعلان السابق عن نيته في المشاركة في هذا المنتدى المالي، وشأنه في ذلك شأن نظيرته سامية سوهولو حسن، رئيسة تنزانيا، التي غابت هي الأخرى لكن بعثت ممثّلاً عنها. ومع انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ في شرم الشيخ في نهاية الأسبوع المنصرم بدأ بعض المندوبين المشاركين في المنتدى السفر إلى مصر.

ومن نافلة القول: إن قضية الاستثمار في القارة الإفريقية حظيت باهتمام كبير قبل سنوات قلائل مع اقتراب الموعد النهائي (2030) لأجندة ODD "أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة"، لكنها تفاقمت مع أزمتي العامين الماضيين، واللتين حدثتا في وقت كانت القارة فيه على مسار جيد للأداء الاقتصادي، وهما أولاً: جائحة كوفيد-19 التي عزّزت من احتياجات القارة التمويلية للانتعاش الاقتصادي إلى 400 مليار دولار. ثانيًا: الحرب التي شنّتها روسيا في أوكرانيا والتي واجهت إفريقيا باحتياجات كبيرة، على وجه الخصوص، لحلّ مشاكل توريد الحبوب والأسمدة أو منتجات الطاقة. يُضاف إلى ذلك التحدي المناخي الذي يُفرز احتياجات مالية في حدود ما يقرب من 1300 إلى 1600 مليار دولار في إفريقيا وفقًا لبنك التنمية الإفريقي، فعندما يتعلق الأمر بالاستثمار، تطفو مشكلة تحسين مناخ الأعمال على السطح.