إفريقيا تبذل السلام للعالم ... فماذا يبذل العالم لها؟

أربعاء, 02/09/2022 - 16:44
بقلم : القصطلاني سيد محمد إبراهيم

ينعقد المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم في دورته الثانية بأنواكشوط، بحضور فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، و العلامة الرائد عبد الله ولد بي وممثلين من مختلف البلدان الإفريقية، بالإضافة إلى نخب شبابية و أكادمية متعددة المشارب.
وما لفت إنتباهي هو عنوان المؤتمر الذي جاء في هذه الظرفية و بعد عنوان مؤتمره الأول يناير2020 (التسامح والإعتدال ضد التطرف والإقتتال)، يأتي عنوان هذا المؤتمر الثاني في ظرفية تئن فيها القارة الإفريقة تحت وطأة كورنا، ورغم الأوضاع المعيشية ورغم أزمة  كورنا يختار نخب وقادة افريقيا عنوانا أكثر تسامحا واعتدالا من سابقه "بذل السلام للعالم"  بذل السلام للعالم، رغم ضيق اليد.
إفريقيا التي يراد لها أن تكون بؤرة للحروب و الفتن، ترفض ذلك بقوة و تعبر عن حنوها للسلام بل و تبذله للعالم كله.
إفريقيا التي يستقطب أبناؤها ليكون في ميمنة الحروب بوسائل إغراء متعددة، تريد أن تكون في ميمنة السلام.
لا شك أن للعلامة عبد الله ولد بي مؤسس المؤتمربصمته القوية في تلك العناوين التي تنضح سلاما واعتدالا وتسامحا، فالرجل ما يزال ينادي بالسلام، رغم كل المنقصات، يجوب الأرض من شرقها إلى غربها و لسان حاله يقول: {قُلْ يَٰٓأَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍۢ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

إن ثقافة السلم هي أسس إسلامنا الذي ندين به، تتلاقى معه في الاسم والمعنى و المبتغى، فالإسلام جاء برسالة سلام للجميع، مكث رواده الأوائل 13 سنة وهم تحت وطأة التعذيب و التهجير والتنكيل، وهم يواجهون ذلك بقلوبهم المؤمنة وأياديهم المسالمة و منهجهم المعتدل.
لقد ارتبط إسم العلامة عبد الله بن بي بالسلام، وبالاعتدال، وبالتسامح، ولا شك أن من ينتهج ذلك المنهج سيواجه الكثير من التحديات والضغوط التي تتهمه حتى في دينه، وتجعل مسالمته استسلاما للهوان، ولكن "طريق السلامة طويل" كما يقول المثل.
لقد كان عنوان المؤتمر معبا  إلى حد كبير، وكان حضور رئيس الجمهورية لانطلاقة المؤتمر رسالة نبل ووفاء، تعبر عن مخزون المسالمة والسلم الذي يحمل الرجل في ضميره، وكان خطابه يشع سلما وتسامحا ويلامس جواهر الإشكالات العميقة والتحديات الكبيرة، والأسئلة الملحة التي ينتظر البلدان الإفريقية معالجتها ورسم الحلول الوافية لها.

إن رسالة السلام هي رسالة مقدسة، تسكن العمق العقائدي لديننا الحنيف، فقد شهد النبي صلى الله عليه و سلم حلف الفضول  في الجاهلية الذي يدعوا للسلام و الانتصار للمظلوم، وأشاد به وأخبر أنه لو دعي لمثله في الإسلام لأجاب.
والقرآن يأخذ  بأيدينا إلى السلم حتى في أوقات الحرب و مع أعدى الأعداء يقول الله تعالى: 

وإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

وسيبقى دعاة السلم يمنحون الإنسانية كرامتها المسلوبة و يعيدون للبشرية هدوءها الجميل، و ينشرون الخير في القلوب والرشاد في العقول، رغم كل مجادل ومعارض، وحتى ولو كلفهم ذلك الكثير من العناء المادي و النفسي الذي يواجهون به من قبل إخوة لهم يستعجلون نضج الثمار، ويتعجلون في فهم المقاصد الكبرى التي جاء من أجلها الإسلام وأرسل من أجلها الرسل.