هل يعزز التعاون العسكري الروسي الموريتاني حضور موسكو بالـ"ساحل"؟

خميس, 07/15/2021 - 14:00
وزير الدفاع الموريتاني ونظيره الروسي خلال توقيع ابروتوكول التعاون

نواكشوط / محمد البكاي / الأناضول شكلت دول مجموعة الساحل الإفريقي الخمس: موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، منطقة تنافس دولي نظرا لموقعها الاستراتيجي نقطة تربط بين مختلف دول القارة السمراء وثرائها بالموارد الطبيعية.

وتعتبر روسيا من البلدان التي بدأت تولي اهتماما خاصا بدول مجموعة الساحل الإفريقي، في ظل تراجع الدور الفرنسي في المنطقة.

اتفاقات عسكرية

في هذا الإطار، وقعت روسيا اتفاقات عسكرية مع عدد من دول المجموعة كان آخرها مع موريتانيا في 24 يونيو المنصرم.

ووقع الاتفاق وزيرا دفاع البلدين، الموريتاني حننه ولد سيدي، والروسي ألكسندر فومين.

ووفق الموقع الإلكتروني للجيش الموريتاني، يهدف الاتفاق إلى تطوير التعاون العسكري بين الطرفين من أجل تعزيز الثقة المتبادلة وتأمين الأمن الدولي.

ويشمل الاتفاق أيضا، تبادل الآراء في القضايا العسكرية والسياسة الدولية والإقليمية في مجال تعزيز الأمن الدولي، بحسب المصدر ذاته.

كما يشمل التعاون في مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات بمجال التدريب العسكري المتبادل، طبيا وهندسيا وثقافيا ورياضيا.

وكذلك تبادل الخبرة والتعاون في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الأمم المتحدة وعمليات البحث والإنقاذ البحري ومكافحة القرصنة البحرية.

وقرر الطرفان إنشاء لجنة عمل مشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق المذكور.

ووقعت روسيا أيضا اتفاقيات عسكرية مشابهة مع مالي عام 2015 والنيجر في 2017.

انفتاح على إفريقيا

الباحث الموريتاني المتخصص في الشأن الإفريقي، سيدي ولد عبد المالك، يرى أن "مساعي الحضور الروسي بمنطقة الساحل تدخل ضمن أجندة انفتاح موسكو على إفريقيا، التي اعتمدتها مؤخرا بعد قطيعة تاريخية مع القارة السمراء إثر انهيار الاتحاد السوفيتي وأفول التمدد الشيوعي بالعالم".

وأضاف المتحدث للأناضول، أنه "نظرا للأزمات الاقتصادية التي تلاحق موسكو مؤخرا، اضطرت للرهان على المدخل العسكري كأحد أدواتها الرئيسية لغزو القارة السمراء، وذلك بالتركيز على بؤر ومناطق التوتر في القارة".

وتابع: "الناظر للحراك الروسي في منطقة الساحل مثلا يلحظ اهتماما متزايدا للتعاون العسكري بين موسكو ودول هذا الفضاء".

ولم يستبعد ولد عبد المالك، أن يتعزز الحضور الروسي خاصة في مجال التعاون العسكري بعد تراجع الدور الفرنسي بالمنطقة.

لكنه رجح أن تواجه موسكو "صعوبات لتعزيز حضورها بالمنطقة بفعل المنافسة الأمريكية ـ الأوروبية من جهة، وتراجع التيارات السياسية الإفريقية التي كانت تناصر روسيا وتتبنى الأيديولوجية الشيوعية واليسارية من جهة أخرى".

تعدد اللاعبين

شهدت السنوات الأخيرة تعدد اللاعبين الدوليين بمنطقة الساحل الإفريقي، نظرا للموقع الاستراتيجي لدول المجموعة، الذي يشكل مفترق طرق يربط بين دول القارة.

ومن بين هؤلاء اللاعبين الدوليين الساعين للنفوذ في منطقة الساحل الإفريقي، فرنسا وروسيا.

ووفق الباحث الموريتاني المتخصص في الشأن الإفريقي محفوظ ولد السالك، فإن "فرنسا تعتبر منطقة الساحل منطقة نفوذ تقليدي لها، بحكم الماضي الاستعماري".

واستدرك في حديث للأناضول: "فيما ترى روسيا أن ضمان حضور فاعل في القارة الإفريقية يمر حتما من خلال منطقة الساحل".

وأشار أن "موسكو تعمل بقوة من أجل إيجاد موطئ قدم لها، عبر البوابة العسكرية، من خلال إبرام صفقات بيع وتصدير الأسلحة مع عدد من دول الساحل".

بديل فرنسا في الساحل

ويرى ولد السالك، أن روسيا "استغلت بشكل كبير الرفض الشعبي الحاصل بالمنطقة للحضور الفرنسي، لتقدم نفسها كبديل".

وأوضح أن ذلك "لوحظ بشكل علني في مالي بعد الانقلاب الثاني للعقيد عاصيمي غويتا ورفاقه، والذين تدرب بعضهم لديها (روسيا) وقد وصل الأمر أن أصبح المتظاهرون يطالبون بقدوم روسيا بديلا عن فرنسا".

وتابع: "لأن البوابة العسكرية والأمنية تعتبر الأنسب لدخول المنطقة، التي تعاني من هجمات الجماعات المسلحة منذ سنوات، فإن روسيا تسعى إلى أن تكون كل جهودها منصبة على هذا البعد، وإن تنوعت أساليب ذلك".

ولفت إلى أن "الاجتماعات والقمم الروسية الإفريقية، أو متعددة الأطراف وتشارك فيها إفريقيا، كثيرا ما يحضر فيها التعاون العسكري، وتوقيع موسكو مؤخرا اتفاقا عسكريا مع نواكشوط يدخل في هذا الإطار".

وذكر أن "روسيا كما باقي الأطراف الدولية المهتمة بالساحل، تنظر إلى موريتانيا كبوابة رئيسية، لأنها تعد دولة مستقرة في محيط مضطرب، وفاعلة في القضايا العسكرية والتنموية المشتركة مع بلدان الساحل، وكل هذه المؤهلات تجعلها محل اهتمام من مختلف الأطراف".

مجموعة دول الساحل

مجموعة دول الساحل "جي 5"، هي تجمع إقليمي للتنسيق والتعاون تأسس عام 2014، يقع مقر أمانتها العامة في نواكشوط.

ويهدف التجمع إلى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، والعمل على حشد تمويلات واستقطاب استثمار أجنبي للنهوض ببلدانه الأعضاء، وفق ما يعرف التكتل نفسه.

وتنشط بمنطقة الساحل الإفريقي العديد من التنظيمات المتطرفة، بينها فرع "القاعدة ببلاد المغرب"، حيث تشن هذه التنظيمات من حين لآخر هجمات تستهدف الثكنات العسكرية والأجانب بدول الساحل، خصوصا في مالي.

وفيما تحولت منطقة الحدود الثلاثة المشتركة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلى معقل جديد للتنظيمات المتشددة، أخفقت عملية "برخان" الفرنسية، التي تضم 5100 جندي في تطهير المنطقة من المسلحين، رغم وجود قوات من الاتحاد الإفريقي ووصول دعم عسكري من دول أوروبية.

وأعلنت فرنسا، مطلع يوليو الجاري، أنها ستستأنف العمليات العسكرية المشتركة في مالي، بعد تعليقها مطلع يونيو الماضي، عقب انقلاب عسكري بالبلاد هو الثاني خلال أقل من عام.

وقالت وزارة الدفاع الفرنسية، في بيان، إن باريس قررت عقب المشاورات مع السلطات الانتقالية في مالي ودول المنطقة "استئناف العمليات العسكرية المشتركة وكذلك المهام الاستشارية الوطنية التي تم تعليقها منذ 3 يونيو 2021".