21 نصيحة لمن يريد زواجا مباركا موافقا للسنة

خميس, 06/28/2018 - 17:00

بسم الله الرحمن الرحيم
إحدى وعشرون نصيحة للشباب المقْدِمين على الزواج ولذويهم
يسرنى أن أدعوَ لشباب المسلمين الراغبين فى الزواج أثناء هذه العطلة الصيفية الكبرى ببلدنا، بل وفى كل زمان ومكان، بالتوفيق والسعادة، وصلاح الأهل، وأن يُرزَقوا الذرية الصالحة التى تعينهم على دنياهم وأخراهم، ويكونُ دعاؤها لهم ذخْرا جاريا، ومدَدا لا ينقطع بعد الممات.
وإبراءً لذمتى أمام الله عز وجل، ورغبة فى بذل النصيحة وبيانِ الحق امتثالا لأمر الله تعلى ورسوله صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة بالتناصح والتواصى بالحق والصبر، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وخوفا من حلول غضبه وسخطه ولعنته بترك ذلك، وبعدم التناهى عن المنكرات، فإننى أسارع إلى نصح ذوى القربى، وسائر من يطّلع على هذا المكتوب من عموم المسلمين، بما يلى:
1 ـ ضرورة الحد من المهور رفقا بالشباب، وتيسيرا للزواج، فأقل الزواج مُؤْنة أكثرُه بركة، وغلاء المهور أكبر عائق للشباب عن الزواج، كما هومعلوم، وأضرار ذلك على المجتمع لا تخفى على أحد.
2 ـ الابتعاد عن مظاهر التكاثر بالأموال والمباهاة بالولائم والأعْطِيّات.
3 ـ حرمة أكل أموال الناس بالباطل، باسم المَعونة، وهو ما يُدفع لأهل المرأة، وكذا ما يدفعونه أو يدفعه الزوج، تحت ضغط العادات والأعراف، لمن يُعرفون محليا "بالطمّاع". وأفضل مساعدة تقدم للزوجين ما كان بعد الأيام الأولى، كإيجار بيت، أو بنائه، أو إسهام فيه، أو تأثيثه، أو إمداد بنفقة أو مبلغ يسدّ خَلة حاضرة. وخير ذلك ما كان سرّا يراد به وجهُ الله تعلى.
 أما ما يُدفع على أعين الناس أيام الزواج فإنه لا يخلو - غالبا - من المراءاة،  ثم يذهب أدراج الرياح. 
4ـ الحذر من اختلاط الرجال والنساء عموما، ومن اختلاطهن بالمخنثين، خصوصا، فضلا عن رقصهن معهم. فإن ذلك أمر إِمْرٌ، ومنكرٌ إِدٌّ.
5ـ الحذر من بروز النساء عند مداخل البيوت، أو الساحات، أو الممرّات، متبرجاتٍ للأجانب بزينتهن، متكشفات، متعطرات، لحرمة ذلك كله بالنصوص الصريحة.
6ـ الحذر من استدعاء أصحاب المعازف والمزامير والطبول، وفِرَق الراقصين والمخنثين، والاكتفاءُ بضرب بعض النساء للدُّف إعلانا للنكاح، بعيدا عن أعين الأجانب. فإنّ ضرب الدف فى النكاح جائز بضوابطه الشرعية، وإنْ حصل الإعلان بغيره جاز. فقد صار من عادة النساء، فى أعراس هذا الزمان، إقامةُ السهرات الليلية على الطعام والشراب والغناء والرقص، ورجوعُهن إلى منازلهن وقتَ السحر، دون حسيب أو رقيب. وكل ذلك منكر عظيم، وإثم كبير. وفى سكوت أزواجهن وأوليائهنّ على ذلك ورضاهم به ما يضاهى سكوتَهم ورضاهم بسفرهن إلى الداخل والخارج بلا مَحْرم. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن ذلك إحياء الأمسيّات الغنائية الصاخبة فى الفنادق، بالأثمان الباهظة، ابتداء من منتصف الليل إلى وقت متأخر جدا، مما يشكّل إزعاجا حقيقيا للمسلمين، بمنعهم من الراحة والنوم وصلاة الليل، ويؤثِّر أكثرَ على ضعَفتهم ومَرضاهم.
وعلى من له وِلاية على الناس أن يحظر هذا الأذى العظيم، والضرر الجسيم، إذ لا شك فى منعه شرعا، وقبحه طبعا. وهو مناف أيضا لما يتبجح به بعضهم من المدَنيّة والتحضُّر.
كما أنه لا شك فى تحريم رقص النساء أمام الرجال ـ كما يُشاهَد عند الطبول ـ وفى تحريم استماعِهم إلى غنائهنّ وزغاريدهن، وتبرجِهن لهم فى تلك الحفلات والأفراح، وسكوت الرجال على ذلك، وسرورهم به، وارتياحهم له، ولا سيّما من يُنسب منهم إلى علم أو دين.
7ـ أهمية إقامة الرجل لوليمته على حسابه، دون تبذير أو إسراف، لأن الوليمة سُنّة، والأصل عدم تكليف أهل المرأة بها، إلا إن أعطاهم الزوج ما يقيمونها به، بالمعروف، ووكّلهم عليها.
8ـ لا بأس بإجراء العقد فى المسجد، لأن فى إجرائه فى المنازل الآن تكاليفَ إضافية لا داعىَ لها، ويمكن تجنبُها بهذه الطريقة، فضلا عما يُلتمس فى المساجد من بركة القرآن والصلاة، وعن كونها مَجْمَع الحَل والعقد فى الإسلام. 
9ـ التحذير من الإنفاق فى أوجه الباطل والسفه، فإن المرء مسئول عن ماله فيم أنفقه. وإن تصدق الزوج، وأهل المرأة على الفقراء والمساكين ـ بالمعروف ـ على وجه القُربة، وأخفوْها، فحسَنٌ.
10ـ تحذير الزوج وأصهاره وامرأته من بذل المال سُمعة ورياء، فإن من ينفق المال ليقال: هو جواد، معدودٌ فى الثلاثة الذين هم أول من تُسَعّر بهم النار يوم القيامة، كما ثبت فى الصحيح عن النبىّ صلى الله عليه وسلم، وثبت فيه أيضا: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). فإن اجتمع إلى فساد النية بذلُ المال فى الحرام ـ كما فى النقطة السابقة ـ كان ذلك عينَ الخسران المبين فى الدنيا والآخرة. 
11 ـ إنهاء مراسيم الزواج بمجرد الزفاف.
12 ـ المبادرة إلى تسليم الرجل موليتَه للزوج مباشرة، دون حضور أجانبَ إلى بيته، أو حضور أجنبيات عنده.
13 ـ منع البدع المستحدثة مؤخرا فى الخِطبة، فإنها فى غاية القبح. وهى أن يذهب موكب من النساء إلى أهل المرأة يبلغْنهم الخِطبة من قِبَل الزوج، فيجدْن الولائم الفاخرة قد أعِدّت لهنّ تكلفا ومباهاة، وقد يستغرق ذلك اللقاء ساعاتٍ عديدةً، وقد يحصل فيه كثير من المحظورات الشرعية.
ويتصل بذلك ما يفعله بعضهم من النحر والذبح أياما متتالية أثناء إعداد العُدة لزواج ابنتهم، وحشد الحشود والعمال، وتبديد الأموال فى غير طائل.
14 ـ الحذر من إرسال أهل المرأة نوقا أو ذبائح إلى أهل الرجل، لتنحر بعد المناسبة بيوم أو يومين، فإن ذلك من العادات المستحدثة القائمة على التكلف والمباهاة، فإذا انضم إلى هذا ما تَكَلفَه أهل المرأة من الوليمة التى لا تلزمُهم أصلا، ودعوةِ النساء ليلا على الحفلات الفاخرة، ودعوةِ أصحاب الزوج فى ليلة أخرى على حفل مماثل، كان ذلك كله إمعانا فى التبذير والإسراف، وإهدارِ الأموال والطاقات والأوقات فى المخالفات الشرعية، والاسترسال فيها. والعياذ بالله.
15 ـ الحذر من تجهيز المرأة إذا أرادت الذهاب إلى أهل الزوج للسلام عليهم بعد شهر أو أسابيع، بما يُعدّ تبذيرا وإسرافا، من الهدايا والتحف التى جُمعت عن طريق ما يسمى بالمشورة، ودُفِعت تحت سيف الحياء، أو استدانت الأسرة لتحصيلها. وهو ما صار يسمى حديثا بالسلام.
16 ـ الحذر من إلقاء بقايا طعام الولائم والدعوات فى القُمامة، فإن ذلك حرام، وإثمه كبير. وعلى المعنيين الاجتهاد فى إيصالها إلى فقراء الحىّ أو القرية فى أقرب وقت، قبل أن تفسُد ببرودة أو تعفُّنٍ، وإن كان الأصل ألا يُعدّ الطعام إلا بقدر الحاجة، خشية الوقوع فى الإسراف المنهىّ عنه.
17 ـ القضاء على عادة "المشورة" بطريقتها الحالية، فإنها ضرب من سؤال الناس، وتكليفٌ لأكثرهم بما لا يُطيقون. ولم يكن أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم يستشيرونه دائما فى هذا الشأن؛ فإن عبد الرحمن بنَ عوف وجابر بنَ عبد الله رضى الله عنهم ـ مثلا ـ  لم يستشيرَا النبىّ صلى الله عليه وسلم فى تزوجِهما، وهما معه فى المدينة، بل لم يعلم عليه الصلاة والسلام بتزوج جابر بن عبد الله رضى الله عنهما إلا فى قفوله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك سنة تسع، وكان جابر قد تزوج بعد اشتشهاد أبيه عبد الله بن حرام رضى الله عنه، فى غزوة أحُد سنة ثلاث للهجرة، ولم يعلم بزواج عبد الرحمن إلا بعد أيام من مقدمه المدينة، ومؤاخاته صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، حين جاءه "وعليه وضَرٌ من صُفرة"، وفى لفظ: "وعليه بشاشةُ العُرس"، فقال له: مَهْيَمْ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ «مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟». قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِن ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِن ذَهَبٍ، فَقَالَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاة"، كما ثبت كل ذلك فى الصحيح.
وإنما يُستشار أهل الدين والفضل والخِبرة بالناس فيمن جُهل حاله من الزوجين، ولا يسمّى ما يذكر عنهما، مما لا يُرتضى، غيبة، بل هو من نصيحة المسلم لأخيه المسلم، وهى واجبة، ولا سيما عند الطلب، أو الحاجة إليها.
18 ـ قبول الخاطب إذا كان ممن يُرضَى دينُه وخلقُه.
19 ـ المسارعة إلى تزويج النساء إذا خطبهن مَن هذه صفتُهم، ولا سيّما فى هذا الزمان.
20 ـ ضرورة سؤال المرأة قبل العقد، فإن كانت بكرا اكتُفِى بصُماتها، وإن كانت ثيبا أعرَبَت عن نفسها.
21ـ القضاء على الحياء الجاهلىّ بين الرجل وصهره، من عدم المؤاكلة والمجالسة، ونحو ذلك من مظاهر الحياء المذموم شرعا. فقد كان هدى النبىّ صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان وعلىّ ـ  رضى الله عنهم ـ على خلاف ما عليه مجتمعُنا فى ذلك. 
 والحمد لله على اختفاء بعض العادات المحرمة، كما نرى منذ بعض الوقت، فى المُدن وأكثر القرى، ويعلم الله أن ما أدركناه منها، أو سمعناه عمن تقدمَنا لا  يُقِرُّه عقل ولا نقل. ونظرا لاختفائها فى أغلب نواحى بلدنا، فإنى لم أفردها بالذكر هنا، ولكن سأمثل بأربع منها، من باب التذكير لمن يعرفها، والتحذير لمن لا يزال عليها:
أ ـ اختطاف النساء للعروس، وتغييبُها فى الليلة الأولى عن زوجها، 
ب ـ ضرب الرجال للنساء الضربَ المبرِّح على ذلك،
ج ـ منع ذوى المرأة لها من المبيت مع زوجها فى الليالى الثلاث الأُوَل، 
د ـ عادة "لكلاع" يوم السابع، وفيها يجتمع كل محظور، من صريح الاختلاط، والتشاجر والضرب والسبّ والإهانة.
ولولا خوف الإطالة لجلبت على كل مسألة من هذه المسائل ما تَقَرُّ به أعينُ المتقين من أدلة الكتاب والسنة والإجماع، ومن كلام أئمة السلف المتقدمين والعلماء الربانيين الراسخين.
 ﴿ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيِىَ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيع عَلِيمٌ﴾,  ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِى إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كتبه إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدى 12 شوال 1439 للهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.