البربر عرب قدامى

سبت, 06/22/2024 - 18:03

البَربَر عَرب قُدامى” ▪︎ هُو كتاب علمي تاريخي أكاديمي تاليف الأستاذ “محمد المختار العرباوي”. - صحيفة صوت العروبة
▪︎ هُو كتاب علمي تاريخي أكاديمي نفيس، من تقديم الأستاذ “محمد المختار العرباوي”.

▪︎ويقع في خمس وثلاثمائة صفحة (305) من الحجم المتوسط, ويضم في طياته دراسة وافية عن 《عراقة البربر في العروبة 》.

وقد بذل الباحث جهدا كبيرا و بالحجج الموثقة.

▪︎صدر هذا الكتاب عن منشورات » المجلس القومي للثقافة العربية « في الرباط بالمملكة المغربية وقد تولى تقديمه للقراء المجلس القومي للثقافة العربية.

️و يَشمل البحث الأكاديمي:

1- نقد أطروحات المدرسة التاريخية الاستعمارية :

أما في المبحث الأول فيتحدث المؤلف عن أطروحات المدرسة التاريخية الاستعمارية وما قامت به من تحريف الحقائق وتشويهها, من حيث بث نزاعات الانقسام, ومن غير شك فإن » النزعة البربرية « من أخطر ما ابتكره الاستعمار في هذا السياق من عوامل الهدم والتقويض.

ثم تناول القضية البربرية من الناحية العلمية لمعرفة أصل البربر وحقيقة انتمائهم على ضوء جملة من المعارف تم التوصل إليها بالاعتماد على منهج مركب تتداخل فيه عدة علوم من أثرية وانتروبولوجية, وبلنولوجية, ولغوية, واجتماعية وغيرها… حيث يكشف كل منها على جانب من هذه القضية ويوفر مجموعة من الأدلة تساعد على الاستيعاب الشامل وتقود إلى الحقيقة.

وقد كشف المؤلف في هذا المبحث عن أساليب الاستدمار الفرنسي وأهدافه الهدامة في المغرب العربي كالفرنسية وتلهيج العربية, والتمسيح, وبث التفرقة وولادة النزعة البربرية وغيرها(2)…

2- السامية والحامية من مبتكرات الاستعمار :

وفي البحث الثاني يتحدث المؤلف عن قضية » الحامية – والسامية « وهي أيضا من مبتكرات المدرسة الاستعمارية, فبعد فشلها في تصنيف البربر ضمن الشعوب الأوروبية صنفتهم ضمن ما يسمى » بالشعوب الحامية «.

بيد أن الدراسات العلمية الحديثة أقرت بأن البربر سامية صميمة وأن البربر أشقاء للعرب ومنتسبون معا إلى أصل واحد وأرومة واحدة, وهذا أول انتصار علمي يسجل ضد المدرسة التاريخية الاستعمارية على صعيد المعرفة, وأول خطوة في كنس المعلومات المغلوطة التي تحولت لدى المثقفين الغارقين في حمأة الاستعمار الثقافي إلى قناعات لا تدحض(1).

3- الحضارات والأنواع البشرية بشمال إفريقيا :

أما في القسم الثالث من الكتاب فيحدثنا المؤلف عن الحضارات والأنواع البشرية في ما قبل التاريخ بشمال إفريقيا, وقد اتضح للمؤلف أن هناك تنوعا ثقافيا وحضاريا في ما قبل التاريخ بشمال إفريقيا فإلى جانب الثقافة الضبعانية والوهرانية والقفصية, هناك ثقافات أخرى تنتمي إلى العصر الحجري الأعلى, تحدث عنها علماء ما قبل التاريخ, ولكن معلوماتِهم عنها حتى الآن لا تزال محدودة, فالباحثون لم يتمكنوا بعد من تحديدها بدقة, ومن التعرف على أصحابِها, وما يهمنا في شأن هذه الثقافات ما قاله (بالوت) عن صناعة الصفائح التي عثر عليها بالجنوب التونسي من أنه » ينبغي البحث عن الأصل باتجاه الشرق, برقة, ومصر, والشرق الأدنى « وهذا اعتراف صريح منه بوجود ثقافات قديمة بالمغرب العربي ذات اصل شرقي, وأن الشرق الأدنى هنا لا يمكن أن يكون الجزيرة العربية ومنطقة الهلال الخصيب(1).

4- الجزيرة العربية مصدر الحضارات والهجرات القديمة :

وفي القسم الرابع : يتحدث المؤلف عن الجزيرة العربية – مصدر الحضارات والهجرات القديمة – واستهله بمدخل وضح فيه أن البربر هجرات, فهم ليسوا أفارقة جنسا ولغة, ولا أوروبيين كما سبق ذكره, فهم إذن أسيويون من الجزيرة العربية لا بحكم سيطرة ثقافتها ولغتها على منطقة الشرق العربي الحالية منذ ما قبل التاريخ بآلاف السنين فحسب, ولكن أساسا بصفتها في نظر الجميع من أهم مراكز الهجرة العالمية وأقدمها في منطقة غرب آسيا, وذكر المؤلف كل ذلك في نقاط محاولاً الإجابة عن بعض الأسئلة الهامة, منها : فما هي هذه الجزيرة ؟ وما الذي جعل منها مصدرا قويا للهجرات ؟ ومتى كان ذلك على سـبيل التـقريب ؟(2).

5- ظهور البربر بشمال إفريقيا :

وينتقل المؤلف في القسم الخامس من هذا الكتاب ليحدثنا عن (ظهور البربر بشمال إفريقيا), ويبتدئى كلامه في أول القسم عن العصر الحجري الحديث وظهور البربر في شمال إفريقيا معتمدا في بحثه عن الوثائق المصرية التي انفردت في الفترة الطويلة السابقة للفنيقيين بمعلومات هامة حول جماعات البربر القديمة (اللوبيون), وقدم خلاصة لتلك الوثائق, ومن خلالها وصل في نِهاية المبحث إلى خلاصة مفادها : إن الجماعات البربرية الأولى الرعوية وصلت إلى الصحراء الليبية وانتشرت فيها في حدود الألف الخامسة قبل الميلاد ثم تحولت إلى المناطق الواقعة شمال الصحراء كما هو واضح من تحولات الظروف المناخية في الألف الرابعة قبل الميلاد, وبِهذا يكون الباحث قد توصل إلى تحديد تاريخ ظهور البربر في شمال إفريقيا وهـو أمر لا يرتاح له من يكـذبون على التـاريخ وفي طليعتهم أنصار المدرسة الاستعمـارية التاريخية والسياسية(1)…

وفي القسم السادس من هذا الكتاب يتحدث المؤلف عن اللغة البربرية باعتبارها الأدلة اللغوية من أفضل الأساليب وأوضحها لإثبات ما بين الشعوب من علاقات ثقافية وصلات نسب, ولذا فقد خاض المؤلف في هذا الموضوع معتمدا على منجزات علم اللغة المقارن, وعلى ما توصل إليه من معلومات وحقائق لغوية في مجال الدراسات البربرية وعلاقتها باللغة العربية القديمة, ومن أبرز الجوانب التي تناولها المصنف في هذا القسم ما يأتي :

– تصنيف البربرية والفكر الإقليمي الطائفي.

– البربرية واقع لغوي قديم.

– السمات المشتركة بين البربرية والأكدية :

2. المقارنة مع الأكدية ولغات عربية قديمة أخرى.

وهكذا فإن الأدلة التي قدمها المؤلف من خلال الإطلاع على البربرية واللغات العربية القديمة يزيدنا دراية بمعرفة كثير من الأصول والظواهر اللغوية في عربية القرآن باعتبارها خلاصة لتطور لغوي واسع قديم ومتنوع(1).

7- السمات المشتركة بين البربرية والعربية :

وتحدث في القسم السابع من هذا الكتاب عن السمات المشتركة بين البربرية والعربية, فقال : إن المطلع على البربرية بِمختلف لهجاتِها يدرك تَمَامًا مدى تأثرها الواسع العميق بالعربية إلى درجة أن هذا التأثير غير كثيرا من سماتِها وجعلها تختلف بدرجة أو بأخرى عما كانت عليه في العهود القديمة.

وقد أكد هذه المسألة كثير من الباحثين على اختلاف مشاربِهم, وقدم الباحث أمثلة كثيرة من أوجه التشابه اللغوي, وكذلك التشابه الاجتماعي, والتشابه في فن العمارة.(1)

8- الأسماء ودلالتها بين العربية والبربرية :

أما القسم الثامن من الكتاب, فتحدث فيه عن الأسماء ودلالتها, ولاحظ المؤلف أن الأسماء البربرية وخاصة القديمة منها لم تبحث ولم تقع مقارنتها بِما في اللغات العربية القديمة, رغم ما لهذا الموضوع من أهمية في دراسة مسائل كثيرة, ومنها الهجرات وتنقل الجماعات البشرية, ثم درس جملة من الأسماء لها صلة بالواقع البربري وحللها وفحص مدلولها, ومن هذه الكلمات التي وقف عند دلالتها طويلا : البربر : وقد خصها بأكثر من عشر صفحات من التحليل والدرس.

وكلمة البربر من الكلمات ذات الشأن في تاريخ منطقتنا المغربية, وقد اكتسبت قيمتها التاريخية منذ مجيء العرب المسلمين حيث صارت منذ ذلك الزمن علما مميزا يطلقه الناس جميعا على سكان شمال إفريقيا, كما تناول بالدرس والتحليل كلمات : أمازيغ – المورأوالموريين – الطوراق – الشاوية – جيتول – أوجدالة – الفاروزيون – القبائل, وغيرها.(1)

9- مظاهر التشابه بين العرب والبربر :

أما القسم التاسع من الكتاب : فتحدث فيه المؤلف عن مظاهر أخرى من التشابه بين البربر والعرب, فتناول فيه : التنظيم الاجتماعي للبربر – أسرة الأب ودلالتها على الهجرة – الموسيقى الشعبية – تقنيات جمع المياه وفلاحة المدرجات وغيرها من عناصر التشابه في نظامهم وثقافتهم وأسلوب حياتِهم(2)

10- المؤرخون المسلمون وأصل البربر :

أما القسم العاشر والأخير من الكتاب : فتحدث فيه المؤلف عن المؤرخين المسلمين وأصل البربر, حيث ذكر آراء المؤرخين وبعض النسابين المتعلقة بالبربر وأصولهم, وقارنَها بنتائج الأبحاث الحديثة, وهذه أهم العناصر التي تناولها في هذا المبحث : البربر وشجرة الأنساب – البربر وجالوت – البربر من الجبارينَ – البربر خليط – البربر وإفريقيش – مكان البربر وخروجهم منه – نظرة عامة حول الآراء السابقة, وغيرها…

وقد أسلمته الدراسة إلى نتائج علمية أهمها : أن البربر عامة ما هم إلا فرع كبير من تلك الشعوب العربية القديمة انتقل إلى المغرب على مراحل وانعزل فيه, مما ساعده خلال أحقاب طويلة على الاحتفاظ – قليلا أو كثيرا – بسمات من الصورة التي كانت لأجدادنا ذات يوم في العهود القديمة.

وهكذا تتضح عراقة البربر في العروبة وأصالتهم فيها, وهم لهذا السبب… اندمَجُوا بالعرب ونسجوا معهم في سياق التطور العام للتكوينة الجديدة للأمة العربية(1).

11- القيمة التاريخية والعلمية للكتاب :

إن هذا العرض الوجيز عن محتويات هذا الكتاب لا يعطي سوى نظرة سطحية عن قيمته الحقيقة – التاريخية والعلمية – التي ستجعل منه مرجعا أساسيا لتاريخ وأصل البربر في شمال إفريقيا, لا كما أشاعه علماء المدرسة التاريخية الاستدمارية الفرنسية الذين قاموا بتحريف التاريخ وتشويه الحقائق من حيث بث نزعات الانقسام بين أفراد المجتمع الواحد كالنَزعة البربرية التي هي من أخطر ما ابتكره الاستدمار الفرنسي في شمال إفريقيا…

وعسى أن يكون من فوائد هذا الكتاب أنَّه كشف عن أساليب الاستدمار الفرنسي وأهدافه الهدامة في المغرب العربي الكبير كالفرنسة, وتلهيج العربية, والتمسيح, وبث التفرقة بين أبناء الوطن الواحد, كخلق النزعة البربرية, وغيرها.

وهذا الكتاب أحد الكتب النفيسة التي لا تقل قيمته العلمية عن أثمن الأطروحات الجامعية التي تقدم لنيل شهادة الدكتوراة, فقد جمع المؤلف ما كتب في الموضوع من آراء, وما تفرق في مختلف المظان والمصادر والمراجع باللغة العربية واللغات الأجنبية, وقرأها قراءة نقدية, وحللها تحليلا علميا وقد سلك في دراسة تلك الآراء مسلك الحياد العلمي, وعارض مؤرخي المدرسة التاريخية الاستدمارية من عرب وعجم, وبين زيف بعض دعاويهم بالاعتماد على الأدلة والحجج الدامغة, مما جعل الكتاب هاما قيما لا يستغني عنه أي مهتم بتاريخ البربر, وبتاريخ شمال إفريقيا مطلقا, خصوصا وقد أضفى عليه المؤلف جمالا ورونقا بأسلوبه الممتع الشيق حيث توخى فيه السهولة والسلاسة الشيء الذي جعل الكتاب ذا قيمة علمية وتاريخية وأدبية فهو يذكر المصادر والمراجع بكل دقة, ويتعمق في البحث, ولذلك فالكتاب صالح للجمهور والباحثين معا.