التأمين الصحي
"انطلاقا من أن جاءت الشريعة لحفظ الضرورات الخمس، وعلى رأسها حفظ النفس من الآفات المفنية، فأطلقت الإذن والإباحة في حالات الضرورة، قال تعالى:(وقد فَّصَّلَ لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتمْ إليه)، ومن القواعد الخمس الكلية: (الضرورات تبيح المحظورات)؛ وبما أن التكاليف الصحية أصبحت فوق طاقة الأفراد الانتشار الأمراض السارية والوبائية أصبح من الضروري إيجاد بديل للدفاع الاجتماعي التقليدي (القبيلة) لعجز هذه الأخيرة عن تغطية الحالات المتكررة، ولضعف النظام الاجتماعي في ظل المدينة الحديثة.
فتم التوصل إلى نظام التأمين، وقد جاءت نظمه وافدة من الغرب مطبوعة بطابع تجاري إنساني بحت، ومن الطبيعي أن لايتقبله العقل الفقهي لما له من بعد عن ضوابط المعاملات الشرعية، فتصدى فقهاء العصر لتكييفه مع الشرع بإعطاء بديل سموه التأمين التعاوني، أو التكافلي، لكن الاقتصاد والتشريعات المحلية والدولية لم تتعاط مع ذلك البديل، فلم يرفع الحرج، ولم يرفع الضرورة لضيق دائرته وضعف إمكانياته.
وينقسم التأمين إلى:
١- تأمين البضائع والسيارات والمصانع والطائرات والمباني.
٢- تأمين على الحياة.
٣- تأمين على الصحة.
وهذا الأخير هو الذي نود تسليط الضوء عليه فنقول:
إن التأمين الصحي سواء كان من الدولة أو مؤسسات تجارية أو تعاونية من الضرورات الملجئة التي يغتفر فيها جانب الغرر والجهالة؛ لأن منع الغرر والجهالة راجع لحفظ المال، والعلاج راجع لحفظ النفس، ومعلوم أن حفظ النفس مقدم في المقاصد الشرعية على حفظ المال، بل إن حفظ المال مقصد مكمل لحفظ النفس، وعليه فلا حرج في التأمين الصحي للافراد والعائلات، على ما تقتضيه كليات الشريعة ومقاصدها العامة".
العلامة محمد عبد الرحمن بن الشيخ محمد..