السنغال.. هل هناك تهديد للديمقراطية؟

ثلاثاء, 05/23/2023 - 10:46

لطالما كان يُنظَر إلى السنغال على أنها واحدة من أكثر البلدان استقرارًا في إفريقيا، وركيزة من ركائز الديمقراطية والحكم الرشيد في القارة؛ فالدولة التي تقع في غرب إفريقيا تشتهر بثقافتها الحيوية والتعددية الثقافية، وتعدّ واحدةً من الدول الديمقراطية النموذجية في المنطقة، وتشهد البلاد انتخابات دورية تتسم بالنزاهة والشفافية وتشكل حدثًا مهمًّا في الحياة السياسية الوطنية والعلاقات الخارجية للبلاد، ويتم تنظيمها بمشاركة الأحزاب السياسية المختلفة.

 

ويهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الديمقراطية في السنغال، والاتجاهات المحتملة للعلاقات الخارجية في ضوء الانتخابات السياسية. وتأسيسًا على ما سبق؛ فإن المسار الديمقراطي في السنغال سلمي للغاية، ولكن يبقى السؤال حول: إلى أيّ مدى يمكن تعزيز الديمقراطية في السنغال؟

 

تدهور الديمقراطية في السنغال:

منذ استقلال السنغال في عام 1960م، سعت إلى الحفاظ على الخصائص السياسية والاجتماعية التي تُقدّرها الديمقراطيات الغربية في المجتمع الدولي؛ فهي -إلى حد كبير- تتمتع بديمقراطية انتخابية سلمية، وتحوَّلت من نظام الحزب الواحد (1960-1974م) إلى نظام محدود متعدد الأحزاب (1974-1981م)، وأصبحت نظامًا متعدد الأحزاب بالكامل (1981م حتى الآن) قبل أكثر من عقد من العديد من البلدان الإفريقية الأخرى؛ بحيث شهدت السنغال ثلاث عمليات انتقال سلمي للسلطة الرئاسية، وتغييرات في الحزب الحاكم، فضلًا عن أنها تتمتع بتاريخ نادر بعد الاستقلال من الحكم المدني المستمر؛ بحيث إن الجيش محترف، ويمتنع عن التدخل المباشر في السياسة، بالإضافة إلى أنها مجتمع ذو أغلبية مسلمة يعيش مواطنوه في سلامٍ إلى حدّ كبير، ويمارسون التسامح الديني، وأيضًا هي ممثل بارز للمجتمع الفرانكوفوني؛ بحيث كانت حجر الزاوية لغرب إفريقيا الاستعمارية الفرنسية، التي حافظ قادتها على علاقات شخصية وسياسية وثيقة مع فرنسا([1]).

 

وقد شهدت السنغال انتقالًا سلميًّا للسلطة بين الأحزاب المتنافسة في عامي 2000م و2012م، رغم أنها واجهت فترات احتجاجات سياسية وصراعات مع الشباب وحالةً من عدم الاستقرار، وكان ذلك قبل الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في عام 2012م، عندما أراد الرئيس عبد الله واد Abdoulaye Wade من الحزب الديمقراطي السنغالي  the Senegalese Democratic Party (PDS) تأمين فترة ولاية ثالثة مثيرة للجدل في حملةٍ شابَها العنف والترهيب؛ عن طريق تغيير الدستور، لكن "واد" تنازل في النهاية بسلام لماكي سال  Macky Sall ممثلًا عن التحالف من أجل الجمهورية the Alliance for the Republic (APR)، وتم انتخابه رئيسًا رابعًا لجمهورية السنغال في مارس (2012-2019م)، وتولى سال منصبه في 2 أبريل 2012م، وفي 24 فبراير 2019م، أُعيد انتخابه لولاية ثانية مدتها خمس سنوات (2019-2024م)، وفاز في الانتخابات مباشرة من الجولة الأولى([2]).

 

وأعلن المراقبون الدوليون أن الانتخابات كانت ذات مصداقية ونزاهة([3]). ويعتبر الرئيس هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويُنتَخب مباشرة لفترتين متتاليتين كحد أقصى، ومع ذلك في عام 2016م تم تخفيض الولاية الرئاسية عبر استفتاء من سبع سنوات إلى خمس سنوات([4])، على أن يسري مفعول التخفيض بعد انتهاء ولاية الرئيس ماكي سال الحالية منذ عام 2019م.

 

وفي ذات السياق، تصنف الانتخابات السياسية في السنغال بأنها تجري بشكل سلمي وبدون عنف، وتحظى بمتابعة دولية واسعة النطاق، ودائمًا يكون المواطنون السنغاليون مستعدين للتصدي لكافة أشكال الفساد، وقد وعد الرئيس ماكي صال  Macky Sall  بالوقوف ضد الفساد، ووضع حد لأيّ عمل فاسد، وأعلن عن إنشاء مكتب وطني لمكافحة الفساد، ولجنة وطنية لرد الممتلكات، واسترداد المكتسبات التي تم الحصول عليها بصورة غير مشروعة.

 

ومع ذلك يكشف مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية العالمية لعام 2022م حقيقة أن السنغال تمثل واحدة من الدول التي تواجه الفساد؛ حيث إنَّ ترتيبها في المؤشر 72/180([5])، كما تم تصنيفها على أنها "حرة جزئيًّا" بعدما تراجعت من نظام "حر تمامًا" من خلال مؤشر "الحرية في العالم 2022م"، وهي دراسة سنوية لـFreedom in the World publication  في الحقوق السياسية والحريات المدنية؛ حيث بلغ مجموع درجات البلاد 68 على مقياس التقرير المكون من 100 نقطة؛ حيث إنها واحدة من أكثر الديمقراطيات الانتخابية استقرارًا في إفريقيا. كما تعتبر وسائل الإعلام في البلاد مستقلة نسبيًّا، على الرغم من أن قوانين التشهير تستمر في تقييد حرية الصحافة إلى حد ما([6])، ووفقًا لقياس هشاشة المخاطر والضعف يشير مؤشر الدول الهشة إلى أنها جاءت في المرتبة 179/78 بين أكثر الدول هشاشة في عام2022م([7])، كما سجلت في مشروع العدالة العالمية لمؤشر سيادة القانون في المرتبة 139/56 في عام 2022م([8])، وقد يرجع ذلك إلى التغييرات التي أُدخلت على القوانين الانتخابية التي نفّذتها حكومة سال في عام 2018م.

 

ففي السنوات الخمس الماضية، تحول نموذج السنغال الديمقراطي إلى نوع من نظام الحزب المهيمن الذي شُوهِدَ في أماكن أخرى في غرب إفريقيا؛ وتم تفريغ المعارضة، وتآكلت الضوابط والتوازنات على السلطة التنفيذية، وفي أواخر عام 2020م، عزز ائتلافBenno Bokk Yakaar (BBY)   الحاكم هيمنته السياسية عندما انضم  Idrissa Seck  إدريسا سيك من حزب REWMI المعارض -المنافس الرئيسي لسال في الانتخابات الرئاسية لعام 2019م- إلى الحكومة، مما يؤكد نجاح BBY في استيعاب شخصيات معارضة رفيعة المستوى، منذ الانتخابات الرئاسية لعام 2012م، كما تم دفع الأحزاب البارزة تاريخيًّا مثل الحزب الاشتراكي ( the Socialist Party (PSوالحزب الديمقراطي السنغالي  Senegalese Democratic Party (PDS) تدريجيًّا إلى الحضور والمشاركة السياسية في السنغال([9]).

 

ورغم أنه يمكن للمعارضة زيادة دعمها أو اكتساب السلطة من خلال الانتخابات، ومع ذلك، ينتقد قادة المعارضة قانون 2018م الانتخابي؛ لأنه جعل من الصعب على المرشحين الظهور في بطاقة الاقتراع، واعتُبر على نطاق واسع خطوة لتنظيف الميدان وضمان إعادة انتخاب الرئيس سال في عام 2019م، كما أدت محاكمات بعض أبرز المعارضين السياسيين للرئيس سال في السنوات الأخيرة إلى تقليص القدرة التنافسية للمعارضة، ففي الفترات السابقة، وبدءًا من يناير 2019م، قرر المجلس الدستوري أن خليفة سال   Khalifa Sall، عمدة داكار السابق،  Karim Wade وكريم واد، نجل الرئيس السابق Abdoulaye Wade عبد الله واد، وكلاهما غير مؤهلين لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2019م؛ لأن كلاهما حُكِمَ عليهما بالسجن بتهمة الفساد، أما Karim Wade  كريم واد، الذي حُكم عليه في عام 2015م، فقد حصل على عفو عام 2016م، وبعد ذلك ذهب إلى المنفى في قطر، على الرغم من أنه كان من المفترض أن يقضي حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة الاختلاس، إلا أنه تم العفو عنه في نهاية المطاف من قبل الرئيس سال في سبتمبر 2019م([10]).

 

ولذلك تقلصت قدرة المعارضة على التنافس مع الرئيس سال؛ بسبب قرار الرئيس بتعيين شخصيات مُعارِضَة في مناصب حكومية، وفي نوفمبر 2020م، على سبيل المثال، عيّن سال المرشح الرئاسي لحزب الريمي    Rewmiإدريسا سيك Idrissa Seck   رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي the Economic, Social and Environmental Council.، كما تم تقديم حقيبتين وزاريتين لأعضاء برنامج ريمي خلال التعديل الوزاري([11]).

 

تصاعد التلاعب الانتخابي والعنف السياسي:

يمثل العنف السياسي تهديدًا للأمن، وله العديد من الآثار بعيدة المدى على الدولة. وقد أفاد Tyrrell and Kim) ، بأن هناك علاقة قوية بين الحراك الاجتماعي والاضطرابات السياسية؛ بحجة أن المظاهرات المناهضة للحكومة وأعمال الشغب وحرب العصابات والاغتيالات السياسية والحروب الأهلية من المرجح أن تحدث في الأماكن التي يفتقر فيها إلى الحراك الاجتماعي والتعبير السلمي عن الرأي([12]).

 

وهناك أيضًا علاقة قوية بين الاضطرابات السياسية والعنف السياسي؛ حيث إن الأخير هو العدوان المنظّم المناهض للحكومة الذي يحدث داخل الدولة مِن قِبَل المواطنين المحليين ضد الحكومة الحالية، مما يشير إلى أن الحكومات التي تَستخدم الإكراه تجاه مواطنيها وتسجن العديد منهم لأسباب سياسية، ستؤدي ممارساتها تلك في نهاية المطاف إلى العنف السياسي([13]).

 

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن العنف السياسي هو: الاستخدام المتعمد للقوة والعنف لتحقيق أهداف سياسية، كما أوضحت أنه يتّسم أيضًا بأفعال جسدية ونفسية تهدف إلى إصابة السكان أو تخويفهم، على سيبل المثال: إطلاق النار أو القصف الجوي، الاحتجاز; الاعتقالات والتعذيب؛ وهدم المنازل([14]) .

 

وانعكاسًا لذلك، في 16 مارس مَثُلَ عثمان سونكوSonko، زعيم حزب المعارضة السياسية «PASTEF»، أمام محكمة في داكار، بعد أن رفع مامي مباي نيانغ، دعوى مدنية ضده؛ بينما كان في طريقه إلى المحكمة، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وتم إخراج عثمان سونكو بالقوة من سيارته واقتادته الشرطة إلى قاعة المحكمة، بعد شجار حول خط سير رحلته، ومع بدء المحاكمة، اندلعت اشتباكات في داكار بين قوات الشرطة والمتظاهرين الذين أعربوا عن دعمهم لسونكو؛ وبعد ساعات قليلة، أجلت المحكمة المحاكمة إلى 30 مارس2023م([15])، وفي 8 مايو 2023م، وجدت محكمة استئناف في داكار عثمان سونكو، مذنبًا بالتشهير والإهانة العلنية، وحكمت عليه بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ، مما يعرّض فرصته في الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024م للخطر، هذا الحكم هو نتيجة التُّهَم التي وجّهها مامي مباي نيانغ، وزير السياحة السابق وعضو الائتلاف الحاكم الذي اتهم سونكو بالادعاء بأن مراجعة حسابات الدولة قد كشفت عن سوء إدارة الأموال في تنفيذ برنامج التنمية الزراعية المجتمعية (PRODAC)، وقد لا يمنعه ذلك من السعي لمنصب الرئاسة بموجب المادتين 29 و30 من قانون الانتخابات([16]).

 

"غاتسا-غاتسا" أو العين بالعين “Gatsa-Gatsa” or an eye for an eye))، كانت هذه هي الكلمات التي قالها عثمان سونكو، زعيم المعارضة ومؤسس الحزب السياسي PASTEF، خلال تجمع حاشد في كور مسار، إحدى ضواحي داكار، في 22 يناير 2023م. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التعبير هاشتاغ على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات على الإنترنت، وهو صرخة حاشدة لشريحة جيدة من الشباب السنغالي الذين اعتبروا المواجهة مع حكومة الرئيس ماكي سال أمرًا لا مفر منه، نظرًا للتراجع الديمقراطي الأخير في البلاد([17]).

 

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، تم حظر العديد من الاحتجاجات التي نظّمتها المعارضة السياسية، حيث أشارت السلطات إلى خطر "الإخلال بالنظام العام"، وفي 10 فبراير 2023م، وبعد أن حظرت السلطات اجتماعًا لـ«باستيف» في مباكي، تحوّلت المظاهرات اللاحقة إلى أعمال عنف، واندلعت اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، ومن بين 69 شخصًا قبض عليهم خلال الاحتجاجات، ظل 54 شخصًا رهن الاحتجاز في أوائل مارس، بتُهَم تشمل "المشاركة في تجمُّع غير مصرّح به"، و"الإضرار بالممتلكات"([18]).

 

فقبل أقل من عام من الانتخابات الرئاسية لعام 2024م، لم يُعلن الرئيس سال بعدُ نيته ترك السلطة (فهو ممنوع دستوريًّا من الترشح لفترة ثالثة على التوالي)؛ وبالتالي، هناك خوف حقيقي من أنه قد يشق طريقه إلى الانتخابات ويغرق البلاد في أزمة سياسية مماثلة كالتي حدثت في عام 2011م عندما قرر الرئيس آنذاك عبد الله واد الترشح بشكل غير دستوري لولاية ثالثة([19]).

 

استعادة وتعزيز الديمقراطية في السنغال:

على الرغم من أنه يُنظَر إلى السنغال على أنها واحدة من الدول الديمقراطية الانتخابية السلمية إلى حد كبير في إفريقيا؛ إلا أن الاحتجاجات والعنف السياسي هزَّت البلاد مؤخرًا، وكانت هناك أدلة على إغلاق غير مسبوق للفضاء العام، واعتقال المعارضين السياسيين، فضلاً عن القمع المنهجي للمعارضة، وترهيب الصحفيين والناشطين، والهجوم المستمر على الحريات المدنية، كما تخضع المظاهرات لرقابة صارمة. ومع ذلك، فإن الانتهاك المتزايد والمستمر للمبادئ والممارسات الديمقراطية ليس جديدًا في الساحة السياسية السنغالية، ولكنه يزداد حدة بشكل خطير مع اقتراب البلاد من نهاية الولاية النهائية الثانية للرئيس سال دستوريًّا في عام 2024م، وهذا هو جوهر الاضطراب في السنغال، والخوف من مسألة استطالة المدة المحتملة([20]).

 

ففي السابق، أظهرت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لعام 2012م نضج الديمقراطية السنغالية، وباستثناء بعض المناقشات حول قائمة الناخبين التي أسفرت عن توافق في الآراء في الساحة السياسية، فلم تُعانِ العمليات الانتخابية من عيوب كبيرة، وهناك ثقة عامة في العملية الانتخابية، ومع ذلك، يجب على الحكومة السنغالية مراجعة نظامها، وتحديد ما إذا كانت هيئات إدارة الانتخابات الحالية لا تزال قادرة على العمل بشكل مستقل والتمتع بنفس الثقة أم لا.

 

فبعد انتخابات عام 2019م، أعلن المجلس الدستوري ماكي سال رئيسًا لما كان من المتوقع أن تكون فترة ولايته الثانية والأخيرة، والتي ستستمر خمس سنوات، كما هو منصوص عليه في الدستور، كانت إحدى خطواته الأولى في مايو 2019م هي إصدار قانون يلغي منصب رئيس الوزراء، ويشير المحللون إلى أن هذه كانت حيلة لممارسة المزيد من السلطات، وبناء على دعوة من ماكي صال، أجرى الائتلاف الحاكم والمعارضة والمنظمات غير الحكومية البارزة حوارًا وطنيًّا "شاملًا" لتعزيز الديمقراطية في السنغال وتعزيز التعاون في القضايا ذات الاهتمام الوطني، إلى جانب حوار سياسي لتعزيز الثقة في حقوق وحريات أحزاب المعارضة، وإدارة الانتخابات، والعملية الانتخابية، وانتخاب رؤساء بلديات المدن، غير أن بعض أحزاب المعارضة قاطعت عمليتي الحوار([21]).

 

وحاليًا تمر السنغال بأزمة سياسية، يحددها عدم إجراء تحقيق جادّ في مزاعم الفساد ضد مسؤولي الائتلاف الحاكم، والتغييرات ذات الدوافع السياسية في القوانين الانتخابية، والملاحقات القضائية للصحفيين الاستقصائيين والنشطاء وقادة المعارضة، مثل خليفة سال وكريم واد وعثمان سونكو، مع منع الأخير من المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فالبلاد، التي عُرِفَت باستقرارها السياسي ووسائل الإعلام المستقلة نسبيًّا وحرية التعبير؛ تُظْهِر الآن ميلًا متزايدًا لتقييد حرية الصحافة وتكميم الأصوات المعارضة، مع تزايد الرقابة على النشطاء والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024م، مما يؤثر على الفضاء المدني بالتوترات المتزايدة المتعلقة بالترشيح المشبوه لماكي صال لولاية رئاسية ثالثة، على الرغم من الحظر المفروض على هذا الإجراء في الدستور ووعوده المتكررة بأنه لن يترشح مرة أخرى، وبينما يصر على خطة "لا نعم، ولا لا" فيما يتعلق بالترشح مرة أخرى، تقوم مجموعة من المنظمات غير الحكومية بقيادة الناشطين الشباب في "Y-en-a-marre" بحملة وطنية لتشويه سمعة خطوة سال المحتملة المناهضة للدستور([22]).

 

الاتجاهات المحتملة للعلاقات الخارجية للسنغال في ضوء الانتخابات السياسية:

تتمتع السنغال بعلاقات خارجية قوية واسعة النطاق، وتتبادل البلاد العلاقات الدبلوماسية مع الكثير من الدول الأخرى؛ وتركز العلاقات الخارجية للبلاد على عدة مجالات، منها الهجرة والأمن والتنمية، وتشارك البلاد في العديد من المنظمات والاتحادات الدولية.

 

وبالنظر إلى الاضطرابات السياسية التي تمر بها البلاد؛ فإنه من المتوقع أن تتأثر نتائج الانتخابات السياسية وتؤثر على العلاقات الخارجية للبلاد بشكل مباشر، ويمكن تلخيص هذه الاتجاهات كما يلي:

 

1-استمرار التعاون مع المنظمات الدولية: من المتوقع أن تستمر السنغال في التعاون مع المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وذلك للتعاون في مجالات مثل التنمية والأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

 

2-تعزيز العلاقات الاقتصادية: قد يتم تعزيز العلاقات الاقتصادية بين السنغال والدول الأخرى، وذلك من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز التجارة الدولية.

 

3-تحسين العلاقات مع دول الجوار: قد تسعى السنغال لتحسين العلاقات مع دول الجوار، وذلك من خلال التعاون الاقتصادي والأمني والثقافي، وهذا يُعتبر أمرًا مهمًّا للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

 

4-تعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية: تعتبر السنغال دولة إسلامية، ولها علاقات قوية مع دول العالم الإسلامي. ومن المتوقع أن تستمر السنغال في تعزيز العلاقات مع هذه الدول، وذلك من خلال التعاون الاقتصادي والثقافي والديني.

 

5-التعاون مع الدول الصديقة: من المحتمل أن تستمر السنغال في التعاون مع الدول الصديقة، مثل فرنسا والولايات المتحدة والصين والهند، وذلك من خلال التعاون الثنائي في مجالات مختلفة مثل التجارة والتنمية والأمن.

 

ختامًا: يمكن القول بأنه على الرغم من مخاطر الاحتجاجات والاضطرابات في السنغال في الفترات الأخيرة؛ إلا أن الحكومة السنغالية في الوقت نفسه تبذل جهدًا كبيرًا للحفاظ على الاستقرار السياسي، وتعمل على تنفيذ الاصلاحات على عدة مستويات، علاوةً على أنها تجري انتخابات سياسية دورية تؤثر على العلاقات الخارجية للبلاد، كما أنها تسعى إلى تكثيف علاقاتها مع المجتمع الدولي، وتركز هذه العلاقات على المجالات الاقتصادية والتنموية والأمنية والهجرة. وبالتالي، فإن تعزيز العلاقات الخارجية يمكن أن يساعد في تعزيز الاستقرار في السنغال ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

________________________

*د. هند محروس الجلداوي - دكتوراه كلية الدراسات الإفريقية العليا

*الهوامش:

[1] -Bodian, M., Kelly, C.L. (2018). "Senegalese Foreign Policy: Leadership Through Soft Power from Senghor to Sall". In:  Warner, J., Shaw, T. (eds) African Foreign Policies in International Institutions, Contemporary African Political Economy. (New York :Palgrave Macmillan,19 May 2018),P.327.  https://cutt.us/esPvz

[2]-Presidency of Senegal  ," Biography President  Macky SALL, President of the Republic of Senegal ", Retrieved from: https://cutt.us/jOwRK

[3] -Freedom house,  “Senegal,” in Freedom in the World 2019",Retrieved from : https://cutt.us/kgZhC

[4] -Presidency of Senegal," The President of the Republic" ,Retrieved from:  https://cutt.us/HM751

[5]- Corruption Perceptions Index (CPI) ,Retrieved from:  https://cutt.us/GvndU

[6]- Freedom House, “Senegal,” in Freedom in the World 2022, Retrieved from:  https://cutt.us/3dATX

[7]- The Fragile States Index(2022) , Retrieved from: https://cutt.us/DM9yu

[8] -World Justice Project( 2022), "Senegal", Retrieved from:  https://cutt.us/ndvG3

[9]- Freeing Senegal? Where next as democracy falters " , Control risks. 07 May 2021, Retrieved from:  .  https://cutt.us/mFgwd

[10] -Freedom house,  “Senegal,” in Freedom in the World 2021", Retrieved from:  https://cutt.us/oQWXE

[11] -Freedom house,  (2021),Ibid.

[12]- Patrick Tyrrell & Anthony B. Kim," New Study Shows Political Unrest Often Starts With Lack of Upward Immobility" 7Sep2017, Retrieved from:   https://cutt.us/vSWAZ

[13] -Tarkhani, H. (2021). "Political Unrest: Factors and Impact", In: Leal Filho, W., Marisa Azul, A., Brandli, L., Lange Salvia, A., Özuyar, P.G., Wall, T. (eds) Peace, Justice and Strong Institutions. Encyclopedia of  the UN Sustainable Development Goals. Springer, Cham. 16 June 2021, Retrieved from:  https://cutt.us/Wr5V3

[14] -World Health Organization(Who) , "World report on violence and health" ,(Geneva: WHO,2002),p44.

[15]-Amnesty International, "Senegal: Authorities intensify repression ahead of 2024 election", March 17, 2023, ,Retrieved from: https://cutt.us/6IvCX

[16]- BAMBA NDIAYE, " Gatsa-Gatsa: Ousmane Sonko and Senegal’s politics of retaliation ",African Arguments, MAY 15, 2023, Retrieved from:  https://cutt.us/dgLRx

[17] -BAMBA NDIAYE (2023)

[18] -Amnesty International  (2023).

[19] -BAMBA NDIAYE (2023)

[20] -The African Centre for Democracy and Human Rights Studies, "Concept Note: Threats to regional stability: States on the brink- Senegal & Sudan" (Gambia: Press Conference, 11 May 2023 ) ,Retrieved from: https://cutt.us/j1jRL

[21] -The International Center for Not-for-Profit Law, "Civic Freedom Monitor: Senegal", 23 MARCH 2023  ,Retrieved from: https://cutt.us/2VfGX ,

[22] -Ibid.