العربية في غرب أفريقيا.. شعراء وكتاب وصلوا إلى العالمية

جمعة, 03/10/2023 - 09:14
ينتشر "المستعربون" بشكل لافت في أصقاع القارة السمراء

رغم النسبة القليلة التي تمثلها الدول العربية في القارة الأفريقية، ينتشر "المستعربون" بشكل لافت في أصقاع القارة السمراء، وخاصة في غربها.

 

وفي جوار موريتانيا وتحديدا بدولتي مالي والسنغال، برزت أسماء كبيرة في مجال الأدب على مستوى العالم العربي بشكل عام، إضافة إلى حضور إعلامي لافت.

 

في السنغال.. إعلاميون وشعراء

دخول الإسلام وانتشار الطرق الصوفية، كانا من أبرز العوامل التي مهدت طريقا مفروشا بالورود لانتشار اللغة العربية في بلاد الترانغا "السنغال"، بحسب المؤرخين، حيث ساهما في إبراز كتاب وشعراء وإعلاميين من هذا البلد الواقع بغرب أفريقيا.

 

فاضل غي، إعلامي سنغالي يدير مؤسسة إعلامية باللغة العربية التي تعلمها، دون أن يحتاج إلى التغرب.

 

ويوضح فاضل أن رحلته مع العربية بدأت بالكتاتيب" المدارس القرآنية"، قبل أن يلتحق بأحد معاهد اللغة العربية بمدينة كولخ "مسقط رأسه".

 

ويوضح أن والده كان من الثائرين ضد لغة المستعمر "الفرنسية"، وتعلمها، ولم يسمح له ولا إخوته، إلا بتعلم اللغة العربية.

 

ويضيف أنه تعلم العربية على "يد مدرسين سنغاليين أولا، قبل أن يواصل مع بعثة مصرية".

 

وبخصوص تجربته مع الإعلام، ذكر فاضل غي أن شغفه بالإعلام العربي، تولد لديه حين بدأ يطالع الصحف العربية، التي كان يقتنيها من عند بعض التجار اللبنانيين بالسنغال.

 

ويقول غي، في 1989، أسست أول مشروع إعلامي عربي معارض في السنغال، صحيفة "الوحدة"، رفقة صديقي، وبعد سنوات، أسست مشروعي الخاص بي صحيفة "الصحوة"، والتي تصدر نسختها الإكترونية تحت وسم "رفي دكار".

 

أطمح إلى الحصول على مطبعة متكاملة المرافق، ودار للنشر، نظرا للإقبال الملحوظ على الكتابة والتأليف لدى الشعراء والكتاب في السنغال، خلال السنوات الأخيرة.

 

من جهته، قال الأستاذ الجامعي والشاعر السنغالي محمد انيانغ؛ ليس هناك تاريخ محدد لظهور اللغة العربية في السنغال، حيث لم يجزم المؤرخون والكتاب على تاريخ محدد، أو فترة معينة، بيد أن أكثرهم يؤرخ ذلك بتاريخ دخول الإسلام في المنطقة، إذ ظلت العربية ظلا ظليلا للإسلام؛ فحيثما وجد الإسلام وقفت معه العربية.

 

ظلت العربية منذ وصولها إلى أراضي السنغال، وقبل الاستعمار، لغة التخاطب والتراسل والتفاهم؛ وذلك منذ وصول القرآن الكريم إلى المنطقة؛ فظل الإنسان السنغالي يقدس العربية تقديسا؛ لكونها لغة القرآن.

 

السنغاليون نهجوا منهج العرب القدامى في الكتابة، خاصة نهج الجاهلية في كتابة الشعر العربي، فقد احتذوا بهم حذو القذة بالقذة، ولم يحيدوا عنه قيد أنملة في افتتاح قصائدهم بالمقدمات المعروفة، واستعمال لغاتهم الموغلة في الجزالة، والغرابة حينا.

 

مالي.. شعراء وكتاب وصلوا إلى العالمية

وفي دولة مالي التي تحد موريتانيا من الجنوب الشرقي، برزت أسماء كبيرة في الشعر والكتابة، وصل بعضها إلى العالمية، بعد فوزها بجوائز دولية.

 

ومن بين الأسماء التي سطعت في العالم العربي، الشاعر والكاتب عبد المنعم حسن شاعر، الذي كان من الأسماء اللافتة في النسخة الثامنة من برنامج أمير الشعراء الذي تنظمه الإمارات، حيث حصد المركز الخامس، كما شارك في عدة مهرجانات دولية.

 

وحصد عبد المنعم، جائزة نيرفانا للرواية، المركز الأول، وشاعر الجامعة، المدينة المنورة، المركز الأول، وبعض الجوائز الأدبية الأخرى.

 

وأصدر عبد المنعم، 3 دواوين شعرية، مع رواية قيد الإصدار.

ويقول عبد المنعم، قبل دخولي المدرسة، كنت أحفظ الأناشيد والقصص والنصوص العربية عندما يترنم بها إخوتي الأكبر سنا مني، اكتشفت سحر اللغة باكرا.

 

الماليون يهتمون بالشعر العربي كثيرا.. على سبيل المثال، "ملتقى الشعر العربي الأول" في مالي، حضره أكثر من 500 شخص.

 

وهناك إصدارات أدبية متنوعة، ينتجها الكتاب الماليون، في الشعر والنقد والقصة والرواية وغيرها، إضافة إلى مشاركات دولية برزت فيها أسماء شعراء من مالي سجلوا حضورهم اللافت في المشهد العربي.

 

وفي بيئة كهذه، ومع الاهتمام العربي بالشأن المالي بشكل عام، ظهرت عدة وسائل إعلامية مستعربة.

 

وخلال العالم الماضي، تأسست شبكة الصحفيين والإعلاميين الناطقين بالعربية في مالي، بهدف استحداث شبكات إعلام وطنية تخاطب العالم العربي، وتبني حماية الإعلاميين والصحفيين في مالي عامة والناطقين بالعربية خاصة.

 

ومن بين مؤسسي هذه الشبكة، الشاعر والإعلامي كونتا علي، الذي تعلم العربية في السعودية والمغرب.

 

ويوضح كونتا علي، أن فكرة إنشاء مؤسسة إعلامية باللغة العربية في البلد الفرنكفوني (مالي)، جاءت "لزيادة الاهتمام بالأحداث في مالي خاصة في السنوات القليلة الماضية وكذلك لاتساع رقعة المتحدثين بهذه اللغة من أكادميين ومن مواطنين ماليين مقيمين في الدول العربية ويهتمون بأمر بلادهم ومستقبلها".

 

ويضيف كونتا أن مالي "لديها جالية كبيرة تعيش في تلك الدول من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي وكل هؤلاء بحاجة إلى تلقي المعلومة باللغة العربية من موطن الحدث. فعلى منصات التواصل مثلا تجد المشتركين بالآلاف والتعاون مع القنوات العربية والمتحدثة باللغة العربية يتجاوز ذلك، فالأمر لاقى استحسانا في الداخل وفي الخارج".

 

ولم يقتصر ظهور المستعربين على دولتي مالي والسنغال فحسب، فقد عرفت منطقة جنوب الصحراء الأفريقية، ظهور كتاب وشعراء، وصل بعضهم إلى العالمية.

 

وقد ساهم برنامج "أمير الشعراء" في ظهور العديد من الأسماء. وتشهد بعض المهرجانات الشعرية العربية مؤخرا، ظهور نقاد وإعلاميين، من دول هذه المنطقة، فضلا عن ظهور بعض مؤلفاتهم في المعارض الدولية.