كيف تحارب نيجيريا الفساد

خميس, 01/26/2017 - 11:22

نيجيريا من أبرز نماذج تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة فمن المفترض أن تكون غنية وينعم أهلها بالرفاهية ورغد العيش وتواكب العالم في التطور المدني ولكن واقعها مختلف تماما.

الفساد في نيجيريا ظاهر للعيان لا يحتاج إدراكه لمتخصص، فهناك مشاريع تنموية متعثرة وملايين تصرف دون جدوى، كما أصبحت حرفة  التلاعب بالأرقام مجالا للتنافس، كل ذلك أدى إلى إضعاف الثقة في الدولة ومؤسساتها .

ووصف ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق الفساد في نيجيريا بأنه” خيالي” .

 

ووفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية لمؤشرات الفساد فإن نيجيريا تحتل المرتبة الـ 31 من أسفل القائمة .

 

الرئيس النيجيري  الحالي محمدو بخاري – الحاكم العسكري السابق – يريد تغيير هذا الوضع، فما هي الإجراءات التي اتخذها حتى الآن؟

 

هناك عدد قليل من النيجيريين يشككون في نوايا السيد بخاري، وبالرغم من ذلك فالمهمة التي حددها لنفسه شاقة جداً.

 

فقد سحبت الحكومات المتعاقبة  – العسكرية والمدنية –  أموالا من عائدات النفط الكبيرة. ويعتقد كثير من السكان المحليين أن هذه المشكلة وصلت مستويات غير مسبوقة في ظل إدارة الرئيس السابق جودلاك جوناثان.

 

وجدت عملية تدقيق رسمية في مارس الماضي أن شركة النفط المملوكة للدولة حجبت أكثر من 25 مليار دولار من الخزانة العامة بين عامي 2011 و 2015. وفي الوقت نفسه تقوم عصابات من المسؤولين الحكوميين والعسكريين وموظفي النفط بسرقة عشرات الآلاف من براميل النفط الخام يومياً، واستنزفت خزانة الدولة على الرغم من أن أسعار النفط كانت مرتفعة أثناء فترة حكم الرئيس جوناثان. ووجدت عملية التدقيق أيضا مالا تم إهداره كان من المفترض أن يُوظف لتسليح الجنود ضد المتمردين من حركة بوكو حرام .

 

وبحسب تقدير نائب الرئيس النيجيري الحالي فإن النظام السابق قام مؤخراً بتحويل مبلغ 5 مليار دولار لحسابات خاصة من خلال الغش فى عقود التسلح.

 

ولكن منذ تولي السيد بخاري السلطة فى مايو 2015، تم القبض على عشرات الموظفين العموميين وأتباعهم من قبل مفوضية الجرائم الاقتصادية والمالية، كان من أهمهم مستشار الأمن القومي السابق سامبو دسوقي المتهم بإختلاس مبلغ 2 مليار دولار من عقود وهمية لطائرات الهليكوبتر والطائرات العسكرية والذخيرة.

 

حالياً يجري إعادة تفاوض فى عقود “المبادلة” بين النفط الخام و البنزين المكرر وكذلك مراجعة صفقات النفط الفاسدة التي أبرمتها الحكومة السابقة.

 

وألقي القبض كذلك على رئيس شركة محلية “الأطلسي للطاقة” في العام الماضي، بعد فترة قصيرة من القبض على وزير البترول السابق في لندن. وتزعم الحكومة أنها نجحت فى إسترداد نحو 10 مليار دولار من الأصول المسروقة (رغم أن معظم تلك القضايا ستبقى أمام المحاكم لسنوات). كما تم إلغاء الدعم عن الوقود الذي يكلف النيجيريين 14 مليون دولار في السنة.

 

وكانت حكومة السيد بخاري قد تعلمت من تجارب بعض الدول الأخرى، مثل جورجيا. ولكن يبدو أن ليس الكل راض عن هذه التدابير المتخذة من قبل الحكومة الحالية، وبالتحديد الخصوم السياسيين للرئيس بخاري، والذين حكموا نيجيريا لمدة 16 عاما حتى عام 2015، حيث شبهوا هذه الحملة بمطاردة الساحرات.

 

وهناك أسباب أخرى تشكك في قدرة جهاز مكافحة الفساد والمحاكم تقديم الفاسدين للمساءلة.

 

حتى الآن لم توقع مفوضية الجرائم المالية والإقتصادية على أي من الخصوم الفاسدين عقوبات حازمة أو ذات أثر كبير على الرغم من أنها تتباهى بتدريب أعضاء النيابة العامة. معظم الوكالات الحكومية، بما في ذلك الضرائب، لا تقوم بنشر ميزانياتها العامة وكذلك الحال لمعظم حكومات الولايات والحكومات المحلية، والتي تمتص نحو نصف الإيرادات العامة.

 

في محاولة لإصلاح هذا الخلل صرحت وزيرة المالية كيمي أدوسون أنه يجب علي الحكومات المحلية نشر ميزانيتها قبل أن تحصل على أي دعم من الحكومة الاتحادية. ونجحت الوزيرة فى مسح آلاف الأسماء الوهمية من كشوفات رواتب  العمال الحكومية.

 

ويعتبر “حساب الخزينة الموحد”  الذى أدخل العمل به حديثاً بمثابة أكبر إنقلاب على الجميع. فقد استبدلت نوافذ حصالات الحكومة المتعددة وأعطت نيجيريا مزيدا من السيطرة على إيراداتها.

 

وينظر الخبراء الماليون إلى تجربة الحكومة النيجيربة الحالية بمثابة مدرسة مفيدة للآخرين خاصة دول غرب أفريقيا، فلربما أكثر الدول فساداً في القارة قد تعطي الآخرين دروسا عن الشفافية.

 

 

ترجمة : إسلام أون لاين

المصدر: إيكونومسيت