الشيخ يعقوب ولد الشيخ سيديا ...في ذاكرة الأدب

سبت, 07/09/2022 - 11:57

احتل الشيخ يعقوب ولد الشيخ سيديا مكانا سميا في ذاكرة الأدب المعاصر، عبر مدائح فصيحة وشعبية ومراث حسنة الإيراد والإصدار في تعداد خصائله وفضائله، كما حسنت من قبل فيه المدائح

ينتمي يعقوب إلى جيل من المشايخ والأولياء والصالحين الموريتانيين الذين حفلت واحتفت ضفاف القرن المنصرم، وكانوا مضرب المثل في التمكن الروحي، والسمو الأخلاقي وسخاء اليد، ومن خلال هذا الثلاثي ازدحمت الناس على أبوابهم، والمنهل العذب كثير الزحام

 

في ذاكرة الأدب اليوم نستعرض نماذج ونتفا من مراثي الشيخ يعقوب ول الشيخ سيديا، والتي تعبر عن خارطة قيم إسلامية ووطنية متعددة، كان الشيخ لها موئلا ومنتدى.

 

ومن هذه المراثي الخالدة قصيدة الشاعر محمد عبد الله ولد محمدي الحسني

ثلمة الدين في الدنا والفعال

فقد يعقوب ذي العلا والمعالي

نجل باب التقى وباب السجايا

والمزايا وباب كل كمال

ذاك يعقوب من حوى كل فخر

ووقار وخير قال وتال

كف يمن لكل عاف وحاف

كف كفَّ الظلوم ذي الإذلال

كهف أمن به يلاذ إذا ما

جل خطب ولج في الأهوال

ويتناول الشيخ محمد عبد الله فقد الشيخ يعقوب معتبرا أن ما تركه من جليل المأثر وحميد الآثار باق مخلد له عمرا طويلا من الثناء.

إن يغب عن عيوننا فهو باق

بعقود من الثنا كاللآلي

ورجال هدوا بهدي أبيهم

ونساء هدين هدي الرجال

ذاك بدر سما فغاب وهذي

أنجم للهدى ترى في اعتدال

بل بدور بالأفق تم سناها

وسناها به الهدى من ضلال

 

 

ويختار الشاعر محمد الحافظ ولد أحمدو روي السين وبحر البسيط، ليحملها شحن الأسى وفواجع الفقد

قد هد طود المعالي الشامخ الراسي

آسى البرية وابن الجهبد الآسي

غوث الخليقة ميمون النقيبة من

عمت مزيته كالغيث في الناس

الوالد الحدب البر الرحيم بهم

بواسع العطف من بذل وإيناس

الذاكر الله في أطواره أبدا

ماكان عن ذكره بالغافل الناسي

 

ويستعرض الشاعر المفلق محمد جملة من معاقد الثناء ومجامع الرثاء في شخصية يعقوب ولد الشيخ سيديا، فهو المطعم الكاسي، والولي الصالح، والوطني الذي أنقذ الآلآف من مواطنيه بعد أن كادت تعصف به لهب الموت الدامي خلف ضفة النهر، قبل أن يصل إلى التعزية محليا ذاكرة الأسى بنياشين الصبر والسلوان بمن خلف من أجيال إباء وكرم وما خلف من قيم خلود وخصال إحسان وجلال

إن غاب يعقوب عنا إن سيرته

تفتا تنير دجى الدنيا بمقباس

كم أنقذت عانيا يوما شفاعته

وكم ندى بث من ملك وأحباس

وكم هواطل أمداد بدعوته

سحت على الناس يوم الحازب القاسي

صبرا بني الشيخ قد عمت رزيته

كل البرية من صنعا إلى فاس

وأنتم كفء أعلى الصبر يا نقبا

أهل المكارم يا حصن الهدى الراسي

بنى لكم باب والشيخان بيت علا

فوق الثريا على مدماك آساس

 

أما الشاعر المختار بن محمدا فيرى في رحيل الشيخ يعقوب رحيل قيم كثيرة، وخصال جليلة

بفقد الشيخ يعقوب بن بابا

مضى التقوى امتثالا واجتنابا

وولى سؤدد متوارث في

بني شيخ الهدى سيدي بابا

وولت حكمة وندى أصيل

يلقن درسه الشيب الشبابا

وولى الجاه يوميا يزكى

تحدى الحول والتزم النصابا

وولى مرتضى شيم عذاب

تذم لطيبها الشيم العذابا

 

وينفتح باب القول أمام الشاعر المختار بن محمدا، فيسبح في بحر مآثر متعددة، قبل أن يتفق مع سابقيه في خاتمة الرثاء، وليست كالعادة غير التأسي والسلوان بما خلف الشيخ من بنين وحفدة ومآثر خالدة.

 

لأن عظم المصاب وعم لما

غدا للدين والعليا مصابا

ففي أبنائه وبني أبيه

والابناء ألهم الكل الصوابا

عزاء الكل عدته لصبر

به للأجر يكتسب اكتسابا

 

وغير بعيد عن الشاعر المختار بن محمدا يسبح العالم الشاعر أبو ميه  بن ابياه مع روي الباء في نغمة موسقية أخرى وجرس إيقاعي مؤثر، حامل لأثقال الأسى ومواجيع الفقد، مضمخ بأفانين المآثر التي خلدها الشيخ يعقوب وتسلسلت في سلفه وخلفه.

كل الورى بمصاب الشيخ مكروب

فالقلب مكتئب والدموع مسكوب

لكنها سنة الأقدار جارية

وكل من غالب الأقدار مغلوب

صرح المكارم قد هدت دعائمه

والمجد في مأتم مذ غاب يعقوب

في كل منفعة للناس همته

فالجاه مبتذل والمال منهوب

في حضرة الشيخ أنواع منوعة

من الخلائق مطرود ومطلوب

ويواصل ابو ميه تعداد فئام الناس من ذي شكوى برح به السقم، وذي أمل ضائع، لاقاه من الشيخ يقعوب والإكرام، فعاد بما أمل من خير، وتائه طوحت به أودية العطش الروحي، فنهل من ريان الشيخ وتضلع من كوثر فيوضه العرفانية وأنواره الزكية

فلا تعد ولا تحصى محامده

ولو تعدد تعبير وأسلوب

لا زال قبرك في روض الجنان به

يسح من رحمات الله شأبوب

 

وعلى سنين بوميه ولد ابياه يمضي الشاعر العالم محمد عبد الله ولد الغلاوي، ساكبا دمع يعقوب على يعقوب

فكل شخص على يعقوب ذو حزن

من أربع فيه طول الدهر  ما سلما

صلاحه دينه أخلاقه معها

إعطاؤه الجم من أمواله كرما

ونذر يعقوب قد أبدى كرامته

للعالمين جميعا أكرم الكرما

 

ما مات يعقوب بل أبقى الثناء له

في الناس شرقا وغربا نعم ما اغتنما

فالله في غرف الفردوس ينزله

مع النبيئين والآباء والكرما

 

 

ولأن الخطب  عظيم وجليل، كان صوت الشجى أندى وأعلى مع الشيخ محمد سالم ولد عدود الذي تفوح قصيدته بمعاني الحزن على الفقيد، وبجليل الروابط الراسخة بينه وبين الأسرة الكمالية

عظم الرثاء ع جهن المصاب فأفزعا :: ونفوس اهل مـــصــابـنــا أن تفزعا

إن الرزية لارزيــــة مـــثلُــها ::: يـــعـــقوب إذ زمّ الركــــاب فــودّعــــا

صنت الدموع حذار غبطة شامت ::: فـــجــرين رغم الصون مربع مربعا

فاقْن الحياء وصن وقارك وانتظر ::: ماجلة الأشـــياخ تــصــــنع فاصنعا

ودع الرثاء فلو خلقت متمما ::: أعــيـــاك مافى الشيخ كان تجـــمــعا

لاتخش ضــيعــة إرثه ما إرث من :::: خــلــفــتــه آساد الرجال مضيعا

بنيان قوم لو سواهم نال من ::: بــنــــيانه ما نــــال مــنه تلــعــلــعا

ماذا تقول وما تخالك بالغا ::: بالقول لو أنـــفـــدت فـــكــــرك أجمعا

لو كنت فى عصر الشبيبة لم تطق ::: أنى وقد أصبحت أشيب أصلعا

لاتخش سحب بساط آل الشيخ ما ::: مسعاهم فينا لأول من سعى

وتعزّ بالأحياء منهم واحتسب ::: وأدع الذى ما إن يـــخــيــب من دعا

أن يرحموا أن يكرموا أن ينصروا::: أن يــحفـظوا أن لايـــزالوا مـــفــــزعا