كل شيء تغير نحو الأفضل...شهادة من داخل المستشفى الوطني

أربعاء, 05/18/2022 - 17:44
العمدة محمدن محمد دي

ساقتني الأقدار راغما إلى مستشفى الشيخ زايد ثم في نفس اليوم الى المستشفى الوطني رفقة شقيقتي الوحيدة 
كانت لنا تجربة مع المستشفى الوطني حين ما احالتها اليه عيادة قبل عشر سنوات في حالة وعلة مختلفين
ارتسمت في ذهني منذ ذلك الوقت صورة نمطية جد سيئة عن قطاعنا الصحي وظلت تلك الصورة تنموا وتتعزز تتغذى بما يتعاطى في الصالونات من اخفاقات القطاع وقصوره وقزميته حتى تحولت تلك الصورة الى منحوتة صخرية لايمكن اقتلاعها .
لم اكن اتصور انني سألجأ في اي مرض خف او عضل  للمستشفيات العمومية إلى ان ساقتني الأقدار كما اسلفت على النحو التالي :
أغمي على الأخت بصورة مفاجئة، نقلت بسرعة إلى مستشفى الشيخ حمد في بتلميت وكانت هناك - رغم الجودة النسبية للخدمات - فترة تربص غير موفقة .....      بعد ذلك سمحوا بالتوجه الى العاصمة ووفروا سيارة اسعاف ومرافقا طبيا وقالوا انهم نسقوا مع مستشفى الشيخ زايد،  وان المرافق سيسلم الملف للأطباء فيه ،
كنت اعتزم بعد  وصولي مباشرة ان آخذها من المستشفى إلى عيادة المنار حيث الطبيب الذي كانت تتعالج لديه .
كنت اسير امام سيارة الإسعاف والشباب خلفها حتى سوق( تجونين ) حيث الزحمة الخانقة ،  انسدت الطريق امامي وانفتحت امامها مما جعلها تسبقني بعشر دقائق تقريبا عند وصولي تفاجأت وهي في الحالات المستعجلة وعلى سرير سيارة الإسعاف بأن الأطباء استلموا الملف وسألوا الممرض المرافق بعض الأسئلة وهم في انتظاري لبعض الإستفسارات، قررت فجأة ان اتريث في نقلها للعيادة.
خلال نصف ساعة او يزيد قليلا عملوا الفحوصات اللازمة بما في ذلك التصوير الطبقي  (   اسكانير )
بعد  ساعة أعيد التصوير الطبقي  (اسكانير) لأن نتائج التحاليل ظهرت وأظهرت تقبل البدن وخاصة الكلى لحقنة تساعد في كشف التشوهات الدماغية حينها اتضح وجود   تشوهٍ في الأوعية الدموية داخل الدماغ وانه حاد جدا وغير قابل للتأخير والخيار الوحيد المتاح في مثل هذا الإستعجال هو المستشفى الوطني الذي غادرته قبل عقد من الزمن ناويا عدم العودة اليه، وهنا كانت المفاجأة الثانية
 تفاجأنا واندهشنا لحسن المعاملة وجودة الخدمات وسرعتها فخلال ساعات تمت دراسة الحالة وبرمجة اخطر عملية في الدماغ تتطلب عزل التشوه بقطع معدنية تزرع فيه ، وبالفعل وفى صباح اليوم التالى بدأ أربعة جراحين وستة مساعدين العملية التي استغرقت سبع ساعات ونصف الساعة .
لكن الشيء الذي ادهشني اكثر وجعل تمثال( ابي الهول) النمطي في ذهني يتهدم هو ان كل هذه الخدمات تمت بدافع مهني بحت فنحن لا نعرف من اجرى العملية -سمعنا لاحقا  اسم قائد الفريق - وهم لايعرفون من نحن ، ولم نقدم لهم انفسنا ولم نتصل بأحد ليسهل لنا أي امر ، 
هذه النقطة هي لأهم  بالنسبة لي وسأكررها الف مرة ،
قدمت لنا الخدمات الجليلة من طرف من لانعرفه ولايعرفنا ودون ان نستنفر معارفنا وامكانياتنا  لننال العناية المناسبة فقد اغنت المواطنة وطبيعة الحالة عن تلك الأساليب المعهودة .
شكرا  لإدارتي المستشفيين اللتين يعلم الله اننا لم نتصل بهما ولاعلم لي بأحد اتصل بهما نيابة عنا ،
في الختام ارجو من كل من ارتسمت في ذهنه صورة نمطية عن مستشفياتنا واطبائنا ان يعود في هذه الأيام لتنمحي الصورة ،وصعب انمحاؤها بعد ارتسامها .
فما عدا بوابة المستشفى الوطني التي قد تشمئز من مسلكيات سافرة غير مناسبة لا علم للإدارة بها فكل شيء بالداخل تغير حتى دورات المياه . 
.
.
الأعمار بيد الله  ، والأخت مزالت في العناية المركزة واياً كانت المآلات فإننا نشهد لأطبائنا بالمهنية والإخلاص والكفاءة ، نقبل أقدامهم ونعتذر لهم عن سوء الظن الذي لم يكن في محله .