تأجيل الانتخابات الفلسطينية أسباب وتداعيات

أربعاء, 04/28/2021 - 18:23

إبراهيم المدهون- كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
أربعة أسباب وراء نية عباس لتأجيل الانتخابات الفلسطينية، أولاها الخشية من فوز حماس بأغلبية ساحقة في البرلمان القادم، ثانيها انقسامات فتح الداخلية، وترشح مروان البرغوثي للرئاسة، وعودة تيار دحلان عبر بوابة التشريعي، ثالثها الرفض الإسرائيلي لإجراء هذه الانتخابات، وقد بُلغ أبو مازن شخصيا من رئيس الشاباك، ووعودهم بالتعطيل ويوجد اتفاق تفصيلي بين امن السلطة والشاباك لإخراج المشهد، وها نحن نرى نتائج ما اتفق عليه بين عباس والشاباك. رابعا وأخيرا الرفض العربي خصوصا دول الطوق، وإن كان السبب الرابع لم شكل ثقلا في ميزان الضغط على الرئيس أبو مازن، بقدر الثالث والثاني.

أي تأجيل للانتخابات مرفوض قطعا ولا مبرر أو بديل عن الانتخابات، خصوصا أن التأجيل يصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي، وجاء متساوقا مع رغبة الشاباك، ويعتبر الإذعان لهذا الرفض خذلان لشعبنا، فالانتخابات مصلحة فلسطينية بحتة، وتحدي وخطورة على  الاحتلال، وهذا أورث حالة احباط وغضب شعبي وفصائلي، بعد تسريب نية عباس لإلغاء الانتخابات.

ثلاثة أطراف لا تريد الانتخابات، إسرائيل لخشيتها من إعادة الحيوية للنظام السياسي الفلسطيني، وتريد الحفاظ على صورة الفلسطيني المنقسم الغارق بمشاكله الداخلية، والتي يحلها عبر التشابك الإعلامي والميداني، ويريد الاحتلال استمرار استنزاف الشعب الفلسطيني وقواه بمعارك داخلية، وأي توحيد عبر الانتخابات وإشراك حماس والمقاومة في المؤسسات الرسمية مرفوض إسرائيليا.

 الطرف الثاني السلطة التي تعتبر أن حماس ورطتها بتفاهمات، وأحرجتها امام الجمهور والمجتمع الدولي وقضمت من شرعيتها، وكان الرئيس عباس يفضل عدم مشاركة الحركة بالانتخابات، وكان يريد انتخابات من طرف واحد يقيمها ويفرضها ويفصلها وفق مزاجه الشخصي، الطرف الثالث الدول العربية التي لا تريد لأي ديمقراطية عربية بما فيها الفلسطيني ان تنجح، وتخشى بعض الدول من فوز حماس بالانتخابات مما يمنح قوة غير مباشرة للحالة الإسلامية بشكل عام.

أخطر ما في عملية التأجيل إبقاء حالة الانقسام، بل تأججه وتوسعه، بالإضافة لاحداث حالة فراغ وفوضى، فالتأجيل يعني غياب شرعيات وتبلور أخرى وتصارع ثالثة وتآكل حالات رابعة، فلن يعد الرئيس رئيس ولا الحكومة حكومة، ولهذا يحتاج من القوى اتخاذ موقف واضح، فلا يعقل تحكم الرئيس عباس وحده بمصير شعب، إلغاء انتخابات مصيرية بجرة قلم.

لا يظن الرئيس عباس ان عملية التأجيل ستمر مرور الكرام، بل ربما هو اكثر الخاسرين وقد يدفع ثمن تأجيله للانتخابات، بزيادة حصاره وبفقده الجزء المتبقي من شرعيته، وسيسقط من عين الجمهور، وكان يمكن أن يجعل الانتخابات كبوابة خروج  آمن  وبطولي له من المشهد، ولكن المطالب الإسرائيلية، وتخويف المقربين له، وتقديمهم تقارير وتديرات موقف مخيفه أفقده هذه الفرصة، وأي قرار بتأجيل الانتخابات سيفتح عباس باب الفوضى والتآكل لمشروعه وشرعيته، وسيختم حياته بطريقة لا يرغبها أي سياسي فلسطيني.

أما حركة حماس فهي الأقل تضررا في حال أُجلت الانتخاباتـ، والأكثر فائدة إن تمت، فحماس اليوم عززت ثقتها بالجمهور، واحتفظت بقوتها ونهجها المقاوم، والتقطت الأنفاس بالضفة، وأجرت انتخاباتها الداخلية بثقة، وعززت نواتها الصلبة القيادية والميدانية، وبنت تفاهمات مع القوى الفلسطينية المختلفة، ولديها رؤية كاملة ماذا بعد التأجيل؟ تقوم على رص الصف وتوحيد الجهد الفلسطيني والعمل على مواجهة شاملة بمشاركة كل فلسطيني بالداخل والخارج.