زين العابدين بن علي .. من "الانقلاب الطبّي" إلى المنفى السعودي

جمعة, 09/20/2019 - 08:11

زين العابدين بن علي، الذي توفي الخميس عن 83 عاما، حكم تونس بقبضة من حديد على مدى 23 عاما، قبل أن يهرب إلى السعودية في أعقاب انتفاضة شعبية ألهمت شعوبا أخرى في المنطقة وأطاحت بأنظمة، ويغرق في النسيان.

 

توفي زين العابدين بن علي في مدينة جدة عن 83 عاما. وكان لجأ إليها يوم 14 يناير 2011 تحت ضغط الشارع الذي ارتفعت فيه أصوات تطالبه بالرحيل. وكانت تلك "الثورة" انطلاقة لـ"ربيع عربي" دامٍ لم ينجح فيه المسار الديمقراطي إلا في تونس.

انقلاب طبي

 

ولد بن علي في الثالث سبتمبر 1936 في مدينة حمّام سوسة (وسط شرق) لعائلة متواضعة.

وصل إلى الحكم في السابع من نوفمبر 1987 إثر "انقلاب طبّي" على سلفه، صانع الاستقلال الحبيب بورقيبة (1956-1987)، بحسب ما وُصف آنذاك.

 

وقال في مقابلة مع محطة تلفزيونية فرنسية في 1988 إن ذلك "كان عملية إنقاذ وطني"، مضيفا: "كان عليّ أن أعيد دولة القانون (...) كان الرئيس مريضا ومحيطه كان صاحب تأثير سيء".

ووعد بن علي في "بيان السابع من نوفمبر" الشهير الذي توجه به إلى الشعب "بإعطاء القانون حرمته"، وبأن "يوفّر أسباب الديمقراطيّة المسؤولة" ويقطع مع "الظلم والقهر" و"استغلال النفوذ" و"التساهل في أموال المجموعة" الوطنية، ومع "الرئاسة مدى الحياة" التي أرساها بورقيبة. لكنه سرعان ما أرسى نظاما تسلطيا قمعيا. واتهم محيطه بالفساد واستغلال النفوذ.

 

ورحبت أوساط واسعة من التونسيين بتولي بن علي السلطة "من دون عنف وإراقة دماء". وأشاد به أنصاره واصفين إياه بأنه "منقذ" البلاد التي كانت على حافة الهاوية، معتبرين أنه وضع أسس اقتصاد ليبرالي وقضى على مخططات حزب "النهضة" الإسلامي الذي كان متهما بالتخطيط لانقلاب مسلح.

جرعات محسوبة

 

والواقع أن بن علي أدخل التعددية بجرعات محسوبة إلى البرلمان في 1994، ونظمّ في 1999 أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ تونس، لكنها كانت "تعددية شكلية"، بحسب المعارضة التي نددت طوال العقد الأخير من حكم بن علي بانحراف النظام نحو "دولة بوليسية" تقمع الحريات الخاصة والعامة، وخصوصا حرية التجمّع والصحافة والتعبير.

وخلال رئاسته تونس، فاز حزبه في كل الانتخابات التي خاضها بنسبة فاقت تسعين في المئة. بقي على رأس السلطة أربع ولايات كاملة، وكان في طريقه لإكمال ولايته الخامسة لدى الإطاحة به. وفي وسائل الإعلام، كما في الشوارع، كانت صور بن علي بشعره الأسود والابتسامة التي لا تفارقه بارزة باستمرار.

 

تلقى بن علي تعليما عسكريا بمدرستي "سان سير" و"شالون سور مارن" في فرنسا، وفي المدرسة العليا للاستخبارات والأمن، ومدرسة المدفعية المضادة للطيران في الولايات المتحدة الأميركية.

تولى رئاسة "الأمن العسكري" (المخابرات العسكرية) في وزارة الدفاع من 1964 إلى 1974، بحسب سيرته الذاتية الرسمية التي نشرت في 2010.

 

وتنقل في مسؤوليات عدة بوزارة الداخلية من مدير عام للأمن الوطني، إلى كاتب دولة للأمن الوطني، ثم وزير للأمن الوطني، إلى وزير للداخلية. وفي مايو 1987، تم تعيينه وزيرا أول (رئيس حكومة) مع الاحتفاظ بوزارة الداخلية، إلى أن نفذ الانقلاب.

نهاية درامية

انتهج بن علي سياسة اجتماعية قائمة على مبدأ "التضامن" كما وصفت رسميا، لكنها لم تحقق أهدافها. وكان تردي الأوضاع الاجتماعية السبب الرئيسي للحركة الاحتجاجية التي بدأت منتصف ديسمبر 2011 وأدت إلى تنحيه بعدما أدرك أنه لن يلقى دعما من الجيش.

 

رأى فيه حلفاؤه الغربيون على مدى سنوات ضامنا للاستقرار من أجل تدفق الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الأوروبيين، وأشادوا بمواصلته سياسة بورقيبة في تمكين المرأة.

وشجّع بن علي إسلاما معتدلا ووفّر الحماية لممارسة مختلف الأديان في تونس.

 

متزوج وله ستة أولاد، هم ثلاث بنات من زواج أول وابنتان وابن من زوجته ليلى الطرابلسي التي تحولت عائلتها إلى رمز للفساد واستغلال النفوذ في عهد الرئيس المخلوع.

منذ فراره مع عائلته إلى السعودية، لم يعرف الكثير عن أخباره، باستثناء بعض الصور العائلية التي نشرتها ابنته نسرين على حسابها على "إنستغرام".

 

وفي تونس، صدرت في حقه أحكام غيابية عدة بالسجن بعد إدانته بتهم فساد والمشاركة في القتل بسبب قمع المتظاهرين.