محمد سالم- يعود السيد ماء العينين ولد أييه إلى القطاع الذي يعرفه أكثر من غيره، وزيرا للتكوين المهني، في الحقيبة الجديدة للرجل ملفات عديدة، للنهوض بقطاع تراهن عليه الحكومة الموريتانية في مواكبة الطفرة المتوقعة للاقتصاد، وتحريك سوق العمل.
يمثل تعيين ولد أييه على هذا القطاع رهانا جديدا على قدرات الرجل الذي يعرف بوضوح ما يريد، وتعود أن يصل إليه أو إلى جزء كبير منه دون ضجيج، هكذا يرى العارفون بالرجل الذي أدار السنوات الثلاث الأكثر أهمية في السياسة التعليمية للبلاد، والسنتين الأكثر أهمية أيضا في مسار الحزب الحاكم في موريتانيا، بعد تخلصه من أزمة المرجعية، واستوائه على سوق من الولاء للقيادة الواحدة.
سليل الشهداء
ينتمي ماء العينين إلى واحدة من أبرز أسر الشكيمة في آدرار، حيث ارتبط اسم الأسرة بالجهاد ضد الفرنسيين، منذ أن قرر محمد الملقب أييه ولد حمدات، وهو أحد أبرز زعماء باطن آدرار التصدي للمحتل الجديد، ليقود حامية عسكرية ضمت إلى جانب قادة مجتمعه، أبناءه الثلاثة" السالك، وأحمد، اعل، الذين كانوا من أبرز أبطال معركة اخروفة سنة 1907، كما كان أبناء أييه أيضا ضمن جيش المقاومة الذي هادجم قافلة الملازم بيرجي في طريقها من أكجوجت إلى إكلال فاي، وكان من نتائجها استشهاد الأخوين السالك واعل أبناء أييه الذي استقبل هذه الفاجعة بالقول: لقد سبقاني إلى الجنة، وأرجو أن يشفعا لي
سيواصل أحمد طريق أخويه ووالده، قبل أن يلتحق به أخوه الرابع، سيدي شهيد معركة تنغراده سنة 1923، ليحمل سيدي ثاني ابن أحمد ولد أييه اسم عمه، وهو الوالد المباشر للسيد ماء العينين ولد أييه الرئيس السابق لحزب الإنصاف، وفي الوعي الثقافي والسياسي للرجل، تحتل قضية الهوية مكانا سميا، حيث يصنف ضمن القيادات الثقافية والسياسية للتيار الناصري قديما.
من آدرار إلى كليات باريس
حصل محمد ماء العينين ولد أييه على شهادة المتريز في التعليم التقني/ مركز التعليم التقني العالي وENNA باريس الشمالي، قبل أن ينال الماجستير في الاقتصاد بتقدير في تخصص: هندسة التدريب وأنظمة التوظيف (جامعة تولوز 1 للعلوم الاجتماعية– فرنسا)
كما تولى أيضا إدارة مشروع سويد الداعم للتعليم في موريتانيا وخلال هذه الفترة التي كان فيها الرجل مسؤولا عن السياسات الداعمة للتعليم في موريتانيا عبر برنامج سويد، استطاع تكوين رؤيته للإصلاح والنهوض بالقطاع التعليمي.
في فترة لاحقة وأثناء استعداد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لإعداد برنامجه الانتخابي، أتيحت لولد أييه فرصة عرض رؤيته التي أعجبت ولد الشيخ الغزواني، ووجدت كلياتها العامة طريقها السريع إلى برنامجهى الانتخابي، كما وجد ولد أييه الطريق ذاتها نحو وزارة التهذيب الوطني، كانت عند البداية ذات شعب ثلاث، قبل أن يتم دمجها مجددا في وزارة واحدة، ويحال الأمر كله إلى مهندسه السيد ماء العينين ولد أييه.
رائد التحولات الكبرى للمدرسة الجمهورية.
ارتبطت المدرسة الجمهورية بولد أييه بشكل خاص، حيث كان المشرف الأول على تنفيذ السياسات المتعلقة بهذا المجال، وقد تأسس ذلك الإنشاء على مسارات متعددة من أبرزها:
- مراجعة القوانين والنظم والرهانات الحاكمة للتعليم، وذلك عبر المنتديات الجهوية والوطنية للتعليم، التي تحولت مخرجاتها إلى القانون التوجيهي للتعليم
- إطلاق مسار المنشآت التعليمية: والذي استطاع الوصول إلى أكثر من 3600 فصل دراسي مجهز مع نهاية استوزار الرجل في مجال التعليم.
- إطلاق مشروع تثمين مهنة المدرس، وهو الإطار التفاوضي بين وزارة التهذيب الوطني والنقابات التعليمية
- زيادة نسبية متعددة في مستحقات المدرسين، عبر مضاعفة علاوة الطبشور، وزيادة علاوة البعد، وزيادة علاوة التجهيز.
- اكتتاب أكبر دفعة من مقدمي الخدمة في موريتانيا، حيث تم اكتتاب قرابة 4700 مدرس دفعة واحدة، وذلك من أجل سد النقص الكبير في المدرسين، وهو النقص الذي تدرج بشكل كبير إلى قريب من السد النهائي مع نهاية المأمورية الأولى للرئيس الغزواني
- مراجعة البرامج بشكل عام: من خلال المسار المعروف بالرؤية الشمولية.
- ومما يحسب للرجل وللنظام الذي منحه الثقة أنه بالفعل المهندس الأساسي للعودة المتدرجة نحو التعريب.
- مراجعة فوضى المنشآت والتحويلات: حيث لم يسمح ولد أييه ببناء مؤسسة جديدة للتعليم الثانوي خلال فترة إدارته للتهذيب، كما تم تضييق هامش التحويلات إلى حد كبير.
وخلال السنوات التي أدار فيها الرجل قطاع التهذيب الوطني، ظل بمنأى عن ردود الفعل المتشنجة، رغم ما يوجه إليه وإلى القائمين على التهذيب بشكل عام، ليترك بصمته الإيجابية في القطاع، وليكون من بعده مواصلا لمسيرته، التي نادرا ما يتحدث عنه الرجل لا في سياق الإشادة بها، ولا الدفاع عنها، تاركا للتاريخ والأجيال إنصافها مع الزمن
رئيس الإنصاف
في الثالث من يوليو 2022 اختير ماء العينين ولد أييه رئيسا لحزب الإنصاف، جاءت التسمية الجديدة متناغمة مع شخصية الرجل، الذي أدار خلال سنتين واحدا من أصعب القوى السياسية وأكثرها تداخلا وصراعا، واختلاف رهانات ومصالح.
ينتمي للحزب أغلبية السياسيين والوجهاء والمسؤولين والمنتخبين، وطوال السنتين المنصرمين، لم يوجه أي طرف اتهامات صريحة ولا ضمنية لرئيسه محمد ماء العينين، الذي أدار إلى جانب يوميات التدبير السياسي، جزء كبيرا من نجاحات الحزب في نيابيات 2023، حيث نال أكبر الأغلبية الأعلى في تاريخ الأحزاب الحاكمة في موريتانيا منذ العام 2006 إلى اليوم.
كما شهدت فترة ماء العينين ولد أييه انفتاحا مؤسسيا من حزب الإنصاف على الإعلام، والأنشطة الثقافية والفكرية، زيادة على الحملات الداعمة وبشكل دائم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، إضافة إلى إدارة علاقات هادئة مع المشهد السياسي بعيدا عن خطاب التشنج والرود والسجالات التي ظلت السمة الأبرز للعلاقة بين الحزب الحاكم، وأحزاب المعارضة قبل مأمورية ولد الشيخ الغزواني.
وبين المسيرة السياسية والمهنية للرجل، لا يجمع الموريتانيون على شيئ، إجماعهم على هدوء الرجل، وإنجازيته، وسمو أخلاقه، زيادة على صرامة آدرارية تتعايش مع هدوء الرجل الوارث لما بين باطن آدرار والسمارة من أواصر ووجدان وتربية