وكالة الطاقة الدولية: أفريقيا تحتاج إلى استثمارات سنوية بقيمة 25 مليار دولار

اثنين, 06/20/2022 - 12:35
آثار التغير المناخي الذي تعاني منه القارة السمراء

أكدت وكالة الطاقة الدولية ضرورة اتباع دول القارة الأفريقية خطوات التحول السريع إلى الطاقة النظيفة والأرخص، خصوصًا مع الارتفاعات القياسية في أسعار الطاقة عالميًا.

 

وقالت وكالة الطاقة، في تقرير حديث لها صادر الإثنين 20 يونيو الجاري، إن الأزمة الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والعديد من السلع الأساسية عالميًا، وهو ما يضع مزيدًا من الضغوط الاقتصادية على أفريقيا التي تضررت بالفعل من تداعيات فيروس كورونا.

 

بدوره، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن القارة الأفريقية بحاجة إلى استثمارات سنوية تقدر بنحو 25 مليار دولار لتوفير طاقة بأسعار معقولة لجميع أفراد القارة السمراء؛ إذ يُعد ذلك بمثابة أولوية عاجلة للدول الأفريقية.

 

وبحسب التقرير؛ يعيش حاليًا نحو 25 مليون شخص في أفريقيا دون كهرباء.

 

تغيرات المناخ

حذرت الوكالة من أن أفريقيا تواجه آثارًا أكثر خطورة؛ بسبب تغيرات المناخ، ومنها حالات الجفاف، وذلك على الرغم من تحمل دول القارة أدنى مسؤولية عن أسباب مشكلة المناخ، مقارنة ببقية أجزاء العالم.

 

وأوضح التقرير أن أفريقيا تمثل أقل من 3% من انبعاثات غازات أكسيد الكربون لقطاع الطاقة عالميًا، كما أن لديها أقل نسبة انبعاثات للفرد.

 

وترى وكالة الطاقة الدولية أن التحول العالمي صوب الطاقة المتجددة يُعَد بمثابة أمل جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقارة السمراء؛ إذ ستوفر مصادر الطاقة المتجددة -ومنها الطاقة الشمسية بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر ومجالات التعدين- إمكانات نمو قوية حال إدارتها بشكل جيد.

 

كفاءة الطاقة

شددت وكالة الطاقة، على أنه مع تزايد الطلب المتسارع على الطاقة في أفريقيا، يعتبر ضمان القدرة على تحمل الأفراد للتكاليف أولوية ملحة.

 

واعتبرت الوكالة التي تتخذ من باريس مقرًا لها، أن زيادة عناصر كفاءة الطاقة تعد أمرًا ضروريًا لتحقيق ذلك، مؤكدة أنها ستعمل على تقليل واردات الوقود مع تخفيف الضغط على البنية التحتية، وعدم زيادة التكلفة على المستهلك وتصبح في متناول الجميع.

 

ويشير التقرير، إلى أن أفريقيا تعد موطنًا لـ60% من أفضل موارد الطاقة الشمسية، ورغم ذلك تمتلك فقط 1% من قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية عالميًا.

 

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية، أن تتصدر الطاقة الشمسية جميع المصادر الأخرى للطاقة في أفريقيا بحلول عام 2030، مرجعة ذلك إلى أن الطاقة الشمسية تعد بالفعل أرخص مصدر للطاقة في العديد من الدول الأفريقية.

 

وقالت إنه وفقًا لتوقعات سيناريو أفريقيا المستدامة، ستمثل مصادر الطاقة المتجددة أكثر من 80% من الطاقة الجديدة المضافة بحلول عام 2030.

 

الغاز انبعاثات القارة

توضح وكالة الطاقة، أن قطاع الصناعات في أفريقيا يعتمد جزئيًا في التوسع نحو استخدام الغاز الطبيعي، رغم أن مصادر الطاقة المتجددة تبرز كقوة دافعة لقطاع الكهرباء في القارة السمراء خلال العقد الجاري.

 

ونوهت إلى اكتشاف أكثر من 5 آلاف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي حتى الآن في أفريقيا لم تقم بتطويرها بعد، ويمكن أن توفر نحو 90 مليار متر مكعب إضافية من الغاز سنويًا بحلول عام 2030، مما قد يجعلها حيوية لصناعات الأسمدة والصلب والأسمنت وتحلية المياه في القارة.

 

وتوقعت الوكالة، أن استخدام موارد الغاز تلك ستؤدي إلى انبعاث نحو 10 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون خلال 30 عامًا.

 

وفي حالة إضافة تلك الانبعاثات إلى الاجمالي التراكمي لأفريقيا، فإنها سترفع حصة القارة السمراء من الانبعاثات إلى 3.5% عالميًا فقط.

 

المعادن والهيدروجين

تمتلك القارة الأفريقية موارد هائلة من المعادن التي تلعب دورًا هامًا في تقنيات الطاقة النظيفة، مما قد يساهم في إنشاء أسواق تصدير جديدة يجب إدارتها بشكل جيد، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

 

وتوقعت الوكالة، تضاعف عائدات أفريقيا من صادرات المعادن بحلول عام 2030.

 

ولفتت إلى إلى تنفيذ القارة الأفريقية مشاريع عديدة للهيدروجين منخفضة الكربون، ترتكز على إنتاج الأمونيا للأسمدة مما سيساعد على تعزيز الأمن الغذائي لأفريقيا.

 

ودعت وكالة الطاقة، إلى مضاعفة الاستثمار في الطاقة بالقارة الأفريقية خلال العقد الجاري، بتحقيق أهداف المناخ والطاقة في القارة.

 

وقدرت أن ذلك سيحتاج إلى تمويل أكثر من 190 مليار دولار سنويًا من عام 2026 إلى 2030، مع تخصيص ثلثها للطاقة النظيفة.

 

ودعا المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة التدفقات المالية لأفريقيا بهدف تطوير قطاع الطاقة والتكيف مع تغيرات المناخ.

 

واعتبرت أن مؤتمر المناخ الذي سيعقد في مصر أواخر العام الجاري سيمثل منبرًا هامًا لقادة الدول الأفريقية لوضع جدول أعمال لتحقيق ذلك.

 

وأكدت الوكالة، أن العقد الجاري يعد حاسمًا وضع الاستثمارات التأسيسة لتحقيق الازدهار لسكان القارة الأفريقية خلال العقود القادمة.

 

المحرومين من الكهرباء

بحسب وكالة الطاقة، يتطلب الوصول الشامل إلى الكهرباء بأسعار معقولة في أفريقيا بحلول عام 2030، إضافة نحو 90 مليون شخص سنويًا على الشبكة، أي ثلاثة أضعاف معدلات السنوات الأخيرة.

 

ويعاني نحو 600 مليون شخص في القارة الأفريقية أي 43% من إجمالي السكان من الوصول إلى الشبكة الكهربائية.

 

ويعيش أكثر من 80% من المحرومين من الكهرباء بالمناطق الريفية، وهو ما يبرز أهمية الشبكات الصغيرة والأنظمة المستقلة التي يعتمد أغلبها على الطاقة الشمسية كحلول قابلة للتطبيق.

 

الطهي النظيف وأعباء الطاقة

يفتقر نحو 970 مليون فرد في أفريقيا من إمكانية الطهي النظيف، خصوصًا مع ارتفاع أسعار الكهرباء.

 

وبحسب وكالة الطاقة، يمثل الارتفاع الكبير في أسعار الغاز المسال مؤخرًا، عائقًا أما تحمل نحو 30 مليون شخص في أفريقيا دفع التكلفة، الأمر الذي تسبب في العود إلى الاستخدام التقليدي للكتلة الحيوية.

 

وتتسبب ارتفاع أسعار الطاقة الحالية إلى زيادة المخاطر وأعباء الدعم في البلدان الأفريقية خلال 2022، وصعوبة الاستمرار في ذلك.

 

ونتيجة تقلبات أسعار الطاقة اتجهت دول أفريقية مثل مصر وإثيوبيا وأوغندا إلى إلغاء أو خفض الدعم، مع فرض ضرائب على الوقود بسبب الأعباء المالية المتزايدة.

 

ومن الحلول التي استعرضها تقرير الوكالة لتقليل تكلفة الطاقة على الدول الأفريقية، هو التوسع في تطبيق كفاءة الطاقة، متوقعة أن تساعد على تقليل الطلب على الكهرباء بمقدار 230 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030، أي ما يعادل 30% من الكهرباء حاليًا.

 

ودعت إلى تطبيق قوانين البناء ومعايير أداء الطاقة والتي تقيد بيع الأجهزة والإضاء الأقل كفاء، خصوصًا مع زيادة الطلب على المراوح وأجهزة التكييف والتي تضاعفت أربع مرات على مدار العقد بسبب تغيرات المناخ.

 

الصناعة

توقعت وكالة الطاقة، أن ينمو الطلب على الطاقة في قطاعات الصناعة والشحن والزراعة بنسبة 40% تقريبًا بحلول عام 2030.

 

وترى الوكالة، أن زيادة إنتاج الأسمدة والصلب والأمنت مع التوسع في تصنيع الأجهزة وتقنيات الطاقة النظيفة سيعمل على تقليل عبئ الواردات في أفريقيا.

 

الأزمة الأوكرانية فرصة

تؤكد وكالة الطاقة الدولية، أن زيادات أسعار النفط والغاز مؤخرًا تعد فرصة قصيرة الأجل لمنتجين الوقود الأحفوري في أفريقيا، خصوصًا مع الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة.

 

ووفقًا لتقديرات الوكالة، من المتوقع مع اتجاه الاتحاد الأوروبي إلى وقف واردات الغاز الروسي بحلول عام 2030، نجاح أفريقيا في توفير 30 مليار متر مكعب إضافية عام 2030.

 

وفي حالة الحد من الحرق سيعمل على إتاحة ما لا يقل عن 10 مليارات متر مكعب من الغاز الأفريقي للتصدير دون تطوير بنية تحتية جديدة للإمداد والنقل.

 

ونوهت كذلك إلى توقيع صفقات جديدة لنقل الغاز الجزائري لأوروبا وتوسيع محطات الغاز المسال في الكونغو وموريتانيا والسنغال.

 

وفي نفس الوقت، حذر تقرير وكالة الطاقة من احتمالية مواجهة مشاريع الغاز الجديدة التي تستغرق وقتًا طويلًا مخاطر الفشل في استرداد تكاليفها الأولية، إذا نجحت الدول في خفض الطلب على الغاز وفقًا لسيناريو الوصول إلى حيادية الكربون بحلول منتصف القرن.